للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المثال الثالث]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)} [الأحقاف: ١٥] أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات، قال -رحمه الله-: (وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات) (١).

[ثانيا: الاستنباط باعتبار التركيب.]

المراد من الاستنباط باعتبار التركيب هو الاستنباط بالربط بين نصين أو أكثر.

وهذا النوع من الاستنباط من أدق أنواع الاستنباط، ولهذا يقول عنه ابن القيم: (فهذا من ألطف فهم النصوص وأدقه) (٢).

[أمثلة على الاستنباط باعتبار التركيب.]

[المثال الأول]

استنبط الشوكاني جواز إطلاق اسم المدينة على القرية لغة، وذلك بدلالة التركيب بين قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧)} [الكهف: ٧٧]، وقوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ … لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا … أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا … رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)} [الكهف: ٨٢]، قال -رحمه الله-: ({فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} هي القرية المذكورة سابقا، وفيه جواز إطلاق اسم المدينة على القرية لغة) (٣).


(١) فتح القدير ج ٥/ ص ١٨. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٩١.
(٢) إعلام الموقعين ج ١/ ص ٨٣.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٠٤. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٤١.

<<  <   >  >>