للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الرازي: (دلت هذه الآية على وجوب الاحتراز عن العجلة، ووجوب التثبت والتأني، وترك الاغترار بظواهر الأمور، والمبالغة في التفحص حتى يمكنه أن يعامل كل فريق بما يستحقه من التقريب أو الإبعاد) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي-كما تقدم-، والقنوجي، والبروسوي. (٢).

٩٥ - (وعد) يقال في الشر (٣).

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٦٨)} التوبة: ٦٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي هذه الآية دليل على أن وعد يقال في الشر) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية أن لفظ (وعد) يقال في الشر كما يقال في الخير.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى توعد المنافقين والمنافقات بنار جهنم بلفظ (وعد)؛ فدل ذلك بدلالة استعمال القرآن على أن لفظ (وعد) يقال في الشر بطريق الاحتجاج بالقرآن الكريم في اللغة، وأن كل ما ورد فيه فهو أسلوب عربي مبين.

قال القصاب: (دليل على أن الوعد يكون في الخير والشر، والإيعاد هو الذي يكون في الشر ولا يشاركه فيه الخير) (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: القصاب-كما تقدم-، والقنوجي، والهرري. (٦). وأشار إليه ابن عادل الحنبلي (٧).

وقيَّد بعض المفسرين استخدام الوعد في الشر إذا صرح به (٨).

قال ابن جزي: (الأصل في الشر أن يقال أوعد، وإنما يقال فيه وعد إذا صرح بالشر) (٩).

ولذا حسن الإتيان بلفظ وعد في هذه الآية للتصريح بالشر فيها.

قال ابن عطية: (لما قيد الوعد بالتصريح بالشر صح ذلك وحسن، وإن كانت آية وعيد محض) (١٠).

ويكون الإتيان بلفظ وعد هنا دون ألفاظ الوعيد- وكلاهما جائز في هذا الموضع- لغرض التهكم بهم، قال الآلوسي: (والتعبير بالوعد للتهكم نحو قوله سبحانه: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤)} [الانشقاق: ٢٤]) (١١).


(١) التفسير الكبير ج ١٦/ ص ٦٠، ٦١.
(٢) انظر: التفسير الكبير ج ١٦/ ص ٦٠، ٦١، وفتح البيان ج ٥/ ص ٣١١، وروح البيان ج/ ص ٤٦٢.
(٣) وهو استنباط لغوي.
(٤) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٧٩.
(٥) نكت القرآن ج ١/ ص ٥٤٦.
(٦) انظر: نكت القرآن ج ١/ ص ٥٤٦، وفتح البيان ج ٥/ ص ٣٤٠، وحدائق الروح والريحان ج ١١/ ص ٣٣٠.
(٧) انظر: اللباب ج ١٠/ ص ١٤١.
(٨) انظر: بحر العلوم ج ٢/ ص ٧١، والمحرر الوجيز ص ٨٦٢، و التسهيل لعلوم التنزيل ج ٢/ ص ٧٩.
(٩) التسهيل لعلوم التنزيل ج ٢/ ص ٧٩.
(١٠) المحرر الوجيز ص ٨٦٢.
(١١) روح المعاني ج ١٠/ ص ١٣٣.

<<  <   >  >>