للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة غافر]

١٨٧ - مناسبة الجمع بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق أن بإظهار الآيات قوام الأديان وبالأرزاق قوام الأبدان (١).

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣)} غافر: ١٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} يعني المطر فإنه سبب الأرزاق، جمع سبحانه بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق؛ لأن بإظهار الآيات قوام الأديان وبالأرزاق قوام الأبدان) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) - رحمه الله- أن مناسبة الجمع بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق أن بإظهار الآيات قوام الأديان وبالأرزاق قوام الأبدان.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى امتن على عباده بما فيه مصلحة أديانهم، بإظهار آياته للعباد، أي: يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلوي والسفلي من الآيات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها. ثم امتن عليهم بما فيه مصلحة أبدانهم بإنزال المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس من اختلاف ألوانه، وطعومه، وروائحه، وأشكاله، وألوانه وهو ماء واحد؛ فدل الجمع بين إظهار الآيات وإنزال المطر بدلالة الربط بين أجزاء الآية على أن مناسبة الجمع بينهما أن بإظهار الآيات قوام الأديان وبالأرزاق قوام الأبدان.

قال ابن عادل: (واعلم أن أهم المهمات رعايةُ مصالح الأديان ومصالح الأبدان، فالله تعالى يراعي مصالح أديان العباد بإظهار البَيِّنات والآيات، وراعى مصالح العباد بأبدانهم بإنزال الرزق من السماء، فموقع الآيات من الأديان كموقع الأرزاق من الأبدان وعند حصولها يحصل الإنعام الكامل) (٤).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، وابن عادل-كما تقدم-، والقنوجي، والهرري. (٥).


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٨٤.
(٣) واستنبط غيره من الجمع بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق أن فيه تنبيها على أن النعم كلها من الله، فمنه نعم الدين وهي المسائل الدينية، والأدلة عليها، وما يتبع ذلك من العمل بها، والنعم الدنيوية كلها، كالنعم الناشئة عن الغيث الذي تحيى به البلاد والعباد. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٧٣٤.
(٤) اللباب ج ١٧/ ص ٢٢.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٥/ ص ٢٦٢، واللباب ج ١٧/ ص ٢٢، وفتح البيان ج ١٢/ ص ١٦٩، وحدائق الروح والريحان ج ٢٥/ ص ١٣٣، ١٣٤.

<<  <   >  >>