للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم أرشده الله سبحانه إلى الاستغفار لهم، وفيه إشارة إلى أن الاستئذان إن كان لعذر مسوغ فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٢) -رحمه الله- أن الاستئذان في التخلف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أمر جامع إن كان لعذر مسوغ فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة.

وزاد القنوجي: (لأن اغتنام مجالسه أولى من الاستئذان) (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أذن لرسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يأذن لمن شاء ممن استأذنوه؛ ثم عقب ذلك بأمره بأن يستغفر لهم؛ فدل بدلالة تأمل خواتم الآيات على أن في ختم الآية بالأمر بالاستغفار ما يشير إلى أن الاستئذان إن كان لعذر مسوغ فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة.


(١) فتح القدير ج ٤/ ص ٥٨.
(٢) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) استنبط القصاب من قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أن فيه حجة على المرجئة فيما يزعمون أن الأعمال ليست من الإيمان، وقد جعل الله استئذان الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان؛ إذ جعله في صفة الإيمان، ولم يشهد لهم به إلا معه. انظر: نكت القرآن ج ٣/ ص ٥٠٢.
٢) قال ابن عاشور: (وهذه الآية أصل من نظام الجماعات في مصالح الأمة؛ لأن من السنة أن يكون لكل اجتماع إمام ورئيس يدير أمر ذلك الاجتماع، وقد أشارت مشروعية الإمامة إلى ذلك النظام، ومن السنة أن لا يجتمع جماعة إلا أمروا عليهم أميرا، فالذي يترأس الجمع هو قائم مقام ولي أمر المسلمين، فهو في مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا ينصرف أحد عن اجتماعه إلا بعد أن يستأذنه؛ لأنه لو جعل أمر الانسلال لشهوة الحاضر لكان ذريعة لانفضاض الاجتماعات دون حصول الفائدة التي جمعت لأجلها، وكذلك الأدب أيضا في التخلف عن الاجتماع عند الدعوة إليه، كاجتماع المجالس النيابية والقضائية والدينية، أو التخلف عن ميقات الاجتماع المتفق عليه إلا لعذر واستئذان). التحرير والتنوير ج ١٨/ ص ٢٤٧.
(٣) فتح البيان ج ٩/ ص ٢٧٣، ٢٧٤.

<<  <   >  >>