للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - المنع مطلقا. وقد رده الشوكاني بقوله: واستدل هؤلاء بما لا يسمن ولا يغني من جوع، فقالوا: لو جاز ذلك فإما أن يكون إلى مدة معينة، أو إلى الأبد، وكلاهما باطل، أما إلى مدة معينة فلكونه تحكما، ولكونه لم يقل به أحد، وأما إلى الأبد فلكونه يلزم المحذور، وهو الخطاب والتكليف به مع عدم الفهم.

إلى أن قال: هذا أنهض ما استدلوا به على ضعفه، وقد استدلوا بما هو دونه في الضعف، فلا حاجة لنا إلى تطويل البحث بما لا طائل تحته. (١)

ثم نص على اختياره القول الأول وهو جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة فقال: وأنت إذا تتبعت موارد هذه الشريعة المطهرة وجدتها قاضية بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب قضاء ظاهرا واضحا، لا ينكره من له أدنى خبرة بها، وممارسة لها. (٢).

فعلى هذا يبعد أن يكون مراد الشوكاني جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، إلا إن قصد تأخير البيان إلى وقت الحاجة لحاجة.

الثاني: بمراجعة كلام القرطبي في قوله تعالى: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} يظهر تأثر الشوكاني به كثيرا، حيث قال القرطبي: (ويحتمل إلا ما يتلى عليكم الآن، أو ما يتلى عليكم فيما بعد من مستقبل الزمان على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون فيه دليل على جواز تأخير البيان عن وقت لا يفتقر فيه إلى تعجيل الحاجة) (٣). فلعل الشوكاني أراد جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة والله أعلم.

وممن استنبط -من المفسرين- جواز تأخير البيان إلى وقت لا يفتقر فيه إلى تعجيل الحاجة: القنوجي، والدوسري. (٤).

٦١ - ما يأخذه المسلمون من أهل الكتاب من أعواض الطعام -أي ثمن بيع اللحم- حلال لهم (٥).

قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)} المائدة: ٥.


(١) انظر: المصدر السابق ص ٣٩٥.
(٢) انظر: المصدر السابق ص ٣٩٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ج ٦/ ص ٣٤.
(٤) انظر: فتح البيان ج ٣/ ص ٣٢٤، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٨/ ص ٢٤.
(٥) وهو استنباط فقهي.

<<  <   >  >>