للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الثالث:

الاستنباط بدلالة الالتزام

[تعريف دلالة الالتزام]

دلالة اللفظ على معنى ليس مقصودا باللفظ في الأصل، ولكنه لازم للمقصود فكأنه مقصود بالتبع لا بالأصل (١).

[أمثلة لاستنباط الشوكاني بدلالة الالتزام]

[المثال الأول]

ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} [البقرة: ١٥٤] حيث قال -رحمه الله-: ({وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} أي: لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات، بل هم أحياء، ولكن لا تشعرون بهذه الحياة عند مشاهدتكم لأبدانهم بعد سلب أرواحهم؛ لأنكم تحكمون عليها بالموت في ظاهر الأمر بحسب ما يبلغ إليه علمكم الذي هو بالنسبة إلى علم الله كما يأخذ الطائر في منقاره من ماء البحر، وليسوا كذلك في الواقع، بل هم أحياء في البرزخ. وفي الآية دليل على ثبوت عذاب القبر … (٢).

[المثال الثاني]

ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)} [المائدة: ٥] حيث قال -رحمه الله-: (قوله: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} أي: وطعام المسلمين حلال لأهل الكتاب. وفيه دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يطعموا أهل الكتاب من ذبائحهم، وهذا من باب المكافأة والمجازاة. وإخبار المسلمين بأن ما يأخذونه منهم من أعراض الطعام حلال لهم بطريق الدلالة الالتزامية) (٣).


(١) انظر: إرشاد الفحول ص ٤٠٣، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٣، ص ٧١، ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص ٣٨١، وتفسير النصوص في الفقه الإسلامي ج ١، ص ٤٧٨، وأمالي الدلالات ج ١، ص ١٣٠.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ١٥٩. وانظر: الاستنباط رقم: ١٦.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ١٥. وانظر: الاستنباط رقم: ٦١.

<<  <   >  >>