للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة النجم]

١٩٧ - مخاطبة قريش بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاحبهم إشارة إلى أنهم المطلعون على حقيقة حاله (١).

قال تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢)} النجم: ٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي قوله: {صَاحِبُكُمْ} إشارة بأنهم المطلعون على حقيقة حاله) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن مخاطبة قريش بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاحبهم إشارة إلى أنهم المطلعون على حقيقة حاله (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما خاطب قريش جاء بوصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه صاحبهم، ولم يقل: رسولهم، أو رسول الله، أو محمد؛ فدل ذلك على مزيد تقبيحهم وذمهم على تكذيبه؛ فإنهم يعرفونه ويعرفون نسبه، وصدقه، وأمانته، فهو ليس غريبا عنهم بل نشأ فيهم، وكانوا يصفونه قبل البعثة بالأمين والصادق، فكيف يكذبونه بعد البعثة، ومقتضى الصحبة أن يصدقوه وينصروه (٤).

قال الهرري: وإيراده -صلى الله عليه وسلم- بعنوان صاحبيته لهم للإيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله، وإحاطتهم خبرا ببراءته -صلى الله عليه وسلم- مما نفي عنه بالكلية، واتصافه بغاية الهدى والرشاد؛ فإن طول صحبتهم له، ومشاهدتهم محاسن شؤونه العظيمة مقتضية لذلك حتما، فسمي النبي صاحبهم تنبيها على أنكم صحبتموه، وجربتموه، وعرفتم ظاهره وباطنه، ولم تجدوا به خبلا ولا جنة (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: البقاعي-كما تقدم-، وأبو السعود، والقنوجي، والقاسمي، وابن عاشور، وابن عثيمين، والهرري. (٦).

وهذا الاستنباط يصح على أن معنى صاحبكم مصاحبكم، ولا يستقيم على تفسير صاحبكم بمعنى سيدكم (٧).


(١) وهو استنباط عقدي لأنه فيه الاحتجاج عليهم بالرسالة.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ١٠٥.
(٣) واستنبط الشوكاني مثل هذا الاستنباط من قوله تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢)} في سورة التكوير. انظر: فتح القدير ج ٥/ ص ٣٩١.
(٤) مستفاد من تفسير السور من الحجرات إلى الحديد لابن عثيمين ص ٢٠٥، ٢٠٦.
(٥) انظر: حدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ١٠٦.
(٦) انظر: نظم الدرر ج ١٨/ ص ٣١٣، وإرشاد العقل السليم ج ٩/ ص ١١٨، وفتح البيان ج ١٣/ ص ٢٤٤، ومحاسن التأويل ج ٩/ ص ٥٨، والتحرير والتنوير ج ٢٧/ ص ٩٩، وتفسير السور من الحجرات إلى الحديد لابن عثيمين ص ٢٠٥، ٢٠٦، وحدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ١٠٦.
(٧) قال الرازي: (وقوله: {صَاحِبُكُمْ} فيه وجهان: الأول: سيدكم، والآخر: مصاحبكم). التفسير الكبير ج ٢٨/ ص ٢٤٢. وانظر مثله في اللباب ج ١٨/ ص ١٥٧.

<<  <   >  >>