للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثالثا: الاعتبار بقصص السابقين.]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- بدلالة الاعتبار بقصص السابقين استنباطات (١)، منها:

أ - ما استنبطه من قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة: ١٧٠] حيث قال-رحمه الله-: (وفي هذه الآية من الذم للمقلدين، والنداء بجهلهم الفاحش، واعتقادهم الفاسد ما لا يقادر قدره. ومثل هذه الآية قوله تعالى: … {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة: ١٠٤]. وفي ذلك دليل على قبح التقليد والمنع منه) (٢). فالله تعالى ذم الكفار في تقليد آبائهم في دينهم؛ فدل ذلك بدلالة الاعتبار بقصص السابقين على إبطال التقليد.

ب - ما استنبطه من قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩)} [الكهف: ١٩] حيث قال -رحمه الله-: (وفي حملهم لهذه الورق معهم دليل على أن إمساك بعض ما يحتاج إليه الإنسان لا ينافي التوكل على الله) (٣). فالفتية أصحاب الكهف كانوا يحملون معهم وَرِقا، وكانت دراهم تزودوها حين خروجهم إلى الكهف لعلهم يحتاجون إليه؛ فدل بدلالة الاعتبار بقصص القرآن، والاقتداء بالصالحين على أن إمساك الإنسان بعض ما يحتاج إليه لا ينافي التوكل على الله.

[ومن دلالات الاستنباط بأساليب القرآن]

[١ - دلالة استعمال القرآن.]

ومثاله: ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٦٨)} [التوبة: ٦٨] حيث قال -رحمه الله-: (وفي هذه الآية دليل على أن (وعد) يقال في الشر) (٤). (٥).


(١) انظر أمثلة لذلك في الاستنباطات: ٧٩، ٩١، ١٠٩، ١١٠، ١٨٩.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ١٦٧، ١٦٨. وانظر: الاستنباط رقم: ٢٠.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٧٦. وانظر: الاستنباط رقم: ١٣٨.
(٤) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٧٩. وانظر: الاستنباط رقم: ٩٥.
(٥) وانظر مثال آخر في الاستنباط رقم: ٣٠.

<<  <   >  >>