للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة يوسف -عليه السلام-]

١٠٩ - لم يكن إخوة يوسف -عليه السلام- أنبياء حين آذوا يوسف -عليه السلام- (١).

قال تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ … فَاعِلِينَ (١٠)} يوسف: ٩ - ١٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي هذا دليل على أن إخوة يوسف ما كانوا أنبياء، فإن الأنبياء لا يجوز عليهم التواطؤ على القتل لمسلم ظلما وبغيا.

وقيل: كانوا أنبياء وكان ذلك منهم زلة قدم، وأوقعهم فيها التهاب نار الحسد في صدورهم، واضطرام جمرات الغيظ في قلوبهم، ورد بأن الأنبياء معصومون عن مثل هذه المعصية الكثيرة المتبالغة في الكبر، مع ما في ذلك من قطع الرحم، وعقوق الوالد، وافتراء الكذب.

وقيل: إنهم لم يكونوا في ذلك الوقت أنبياء بل صاروا أنبياء من بعد) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن إخوة يوسف ما كانوا أنبياء وقت أن آذوا يوسف -عليه السلام-.


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بقصص الأنبياء).
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٨.
(٣) واستنبط غيره استنباطات أخرى، منها:
١) من قوله تعالى: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩)} استنبط أن توبة القاتل مقبولة؛ لأن الله تعالى لم ينكر هذا القول منهم. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ١١٤.
٢) بعض الشر أهون من بعض، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما؛ فإن إخوة يوسف لما اتفقوا على قتل يوسف أو إلقائه أرضا، و {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} كان قوله أحسن منهم وأخف، وبسببه خف عن إخوته الإثم الكبير. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٤٠٨.
٣) على الوالد العدل بين الأولاد في المحبة فضلا عما سواها؛ لأن سبب ما فعله إخوة يوسف به هو ما رأوه من تمييزه في محبة والده له. قال السعدي: العدل مطلوب في كل الأمور لا في معاملة السلطان رعيته فقط ولا فيما دونه، بل حتى في معاملة الوالد لأولاده في المحبة والإيثار وغيره، وأن في الإخلال بذلك يختل عليه الأمر، وتفسد الأحوال، ولهذا لما قدم يعقوب يوسف في المحبة وآثره على إخوته جرى منهم ما جرى على أنفسهم وعلى أبيهم وأخيهم. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٤٠٨، ومنهج الاستنباط من القرآن ص ١٨١.
٤) التغريب يساوي القتل؛ لقوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا}. انظر: روح البيان ج/ ص ٢٣٤.

<<  <   >  >>