للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (١) من الآية الزجر عن التقليد (٢).

ووجه الاستنباط: أن الله ذم تقليد اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم فيما يخالف أمر الله تعالى؛ فإن الأحبار والرهبان أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم، وبهذا الاتباع اتخذوهم أربابا من دون الله؛ فدل ذلك بدلالة الاعتبار بقصص السابقين على الزجر عن التقليد؛ لأن طاعة المُقَلِّد لمن يُقَلِّده، ويستن بسنته من علماء هذه الأمة مع مخالفته لما جاءت به النصوص، هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أربابا من دون الله.

وهذا الاستنباط نقله القنوجي (٣). وأشار الرازي إلى ما يقاربه فيما نقله عن أحد شيوخه فقال: (قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء، قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات، فلم يقبلوا تلك الآيات، ولم يلتفتوا إليها، وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها، ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا) (٤).

٩٢ - لا اعتبار بما عند العجم والروم والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها (٥).

قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً … كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦)} التوبة: ٣٦.


(١) واستنبط القصاب استنباطات أخرى، منها:
١) جواز اختصار الكلام، والإخبار عن المعاني المختلفة باللفظ الواحد. ووجهه: أن الأحبار على الأغلب في اليهود، والرهبان في النصارى، وقد أخبر عنهم في لفظ واحد.
٢) أن الله أوقع اسما له -هو الرب- على خلقه: أعدائه، ونبيه، ولم يكن نقصا فيما هو له. انظر: نكت القرآن ج ١/ ص ٥٢٠ - ٥٢١.
(٢) استنبط الشوكاني المنع من التقليد في مواضع سابقة سبق بيانها ودراستها عند الآيتين ٢٢، و ١٧٠ من سورة البقرة، والآية ٢٤ من سورة الأنفال. وانظر أيضا: الأحزاب: ٦٧ (ج ٤/ ص ٣٠٦)، والزخرف: ٢٢ (ج ٤/ ص ٥٥٢، ٥٥٣).
(٣) انظر: فتح البيان ج ٥/ ص ٢٨٦.
(٤) التفسير الكبير ج ١٦/ ص ٣١.
(٥) وهو استنباط في التأريخ.

<<  <   >  >>