للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثانيا: مناسبة ختم الآية بخاتمة تناسب موضوعها.]

أ - مناسبة ختم قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} [البقرة: ٣٠] بقوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)}، قال الشوكاني -رحمه الله-: (ولما كان سؤالهم واقعا على صفة تستلزم إثبات شيء من العلم لأنفسهم؛ أجاب الله سبحانه عليهم بقوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} وفي هذا الإجمال ما يغني عن التفصيل؛ لأن من علم ما لا يعلم المخاطب له كان حقيقا بأن يسلم له ما يصدر عنه. وعلى من لا يعلم أن يعترف لمن يعلم بأن أفعاله صادرة على ما يوجبه العلم وتقتضيه المصلحة الراجحة، والحكمة البالغة) (١).

ب - مناسبة ذكر الفقه عند الحديث عن إنشاء الأنفس من نفس واحدة، وجعل بعضها مستقرا، وبعضها مستودعا في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)} [الأنعام: ٩٧ - ٩٨]، قال الشوكاني -رحمه الله-: (وذكر سبحانه هاهنا {يَفْقَهُونَ (٩٨)}، وفيما قبله {يَعْلَمُونَ}؛ لأن في إنشاء الأنفس من نفس واحدة، وجعل بعضها مستقرا، وبعضها مستودعا من الغموض والدقة ما ليس في خلق النجوم للاهتداء، فناسبه ذكر الفقه؛ لإشعاره بمزيد تدقيق، وإمعان فكر) (٢).

[٤) المناسبة بين الآيات]

أ - مناسبة قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} بعد ذكر اتخاذ الله إبراهيم -عليه السلام- خليلا في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ … حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ … خَلِيلًا (١٢٥) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (١٢٦)} [النساء: ١٢٥ - ١٢٦]، قال: ({وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فيه إشارة إلى أنه سبحانه اتخذ إبراهيم خليلا؛ لطاعته، لا لحاجته، ولا للتكثير به، والاعتضاد بمخاللته) (٣).


(١) فتح القدير ج ١/ ص ٦٣. وانظر: الاستنباط رقم: ٧.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ١٤٤. وانظر: الاستنباط رقم: ٧٢.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٥١٩. وانظر: الاستنباط رقم: ٥٩.

<<  <   >  >>