للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فموضوع هذا الاستنباط العقيدة، ويصلح أن يكون استنباطا في التفسير أيضا لشدة تعلقه بمعنى الآية.

[المثال الثاني]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)} [الإسراء: ٢٣] نهي الولد عن سائر ما يؤذي والديه من فعل، أو قول كان مساويا لكلمة (أف)، أو أشد منها (١)؛ فقال- رحمه الله-: ( … والحاصل أنه- يعني كلمة أف- اسم فعل ينبئ عن التضجر والاستثقال، أو صوت ينبئ عن ذلك. فنهى الولد عن أن يظهر منه ما يدل على التضجر من أبويه أو الاستثقال لهما، بهذا النهي يفهم النهي عن سائر ما يؤذيها بفحوى الخطاب، أو بلحنه كما هو متقرر في الأصول) (٢).

فموضوع هذا الاستنباط التربية، ويصلح أن يكون استنباطا في التفسير أيضا لشدة تعلقه بمعنى الآية.

[المثال الثالث]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} [الإسراء: ٣٢] أن في النهي عن قربان الزنا بمباشرة مقدماته نهيا عنه بالأولى (٣)؛ فقال -رحمه الله-: ( … وفي النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى؛ فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كانت حراما كان المتوسل إليه حراما بفحوى الخطاب) (٤).

فموضوع هذا الاستنباط الفقه، ويصلح أن يكون استنباطا في التفسير أيضا لشدة تعلقه بمعنى الآية. (٥)


(١) انظر: الاستنباط رقم ١٣٢.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢١٨.
(٣) انظر: الاستنباط رقم ١٣٤.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٢٣.
(٥) وانظر المثال الرابع في سورة النور: ٣١، الاستنباط رقم: ١٥٧.

<<  <   >  >>