للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويتنبه إلى أن الزمخشري غفل عن آية هود في وصف أشراف قوم نوح -عليه السلام- بالكفر أيضا.

قال ابن عاشور: (والتوجيه الذي في الكشاف هنا غفلة عما في سورة هود) (١).

فإذا كان هذا يجوز في قوم هود -عليه السلام- فإنه يجوز في أشراف قوم نوح -عليه السلام- كذلك. وإن كان الأظهر-والله أعلم- أن قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا} وصف كاشف، لا مفهوم له.

قال ابن عاشور: (ووصْفُ الملإ بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا} هنا، دون ما في قصة نوح -عليه السلام-، وصْفٌ كاشف وليس للتقييد، تَفَنُّنًا في أساليب الحكاية، ألا ترى أنه قد وصف ملأ قوم نوح -عليه السلام- بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا} في آية سورة هود -عليه السلام-، والتوجيه الذي في الكشاف هنا غفلة عما في سورة هود -عليه السلام- (٢).

وقد يدل عليه قولهم: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)} ولو آمن من أشرافهم أحد لما جاز لهم أن يقولوا هذا عن أتباع هود -عليه السلام-.

١٠٨ - لا يجوز للإنسان أن يدعو بما لا يعلم مطابقته للشرع (٣).

قال تعالى: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)} هود: ٤٦.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفيه عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى نهى نوح -عليه السلام- عن السؤال عما ليس له به علم، فدل بدلالة العموم، وبدلالة تأمل نواهي الله تعالى على النهي عن كل سؤال لا يعلم صاحبه أن حصول مطلوبه منه صواب، وعلى عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع.


(١) التحرير والتنوير ج ٨/ ص ١٥٦.
(٢) المصدر السابق ج ٨/ ص ١٥٦.
(٣) وهو استنباط في الدعوات والذكر.
(٤) فتح القدير ج ٢/ ص ٥٠٣.
(٥) واستنبط غيره من قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أن الاتفاق في الدين أقوى من النسب. انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي ج ٣/ ص ٢٠٩، والجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ٤٢.

<<  <   >  >>