للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن يجوز للمملوك تزويج نفسه إذا أمره سيده بذلك. قال الرازي: (ظاهر الآية يدل على أن العبد لا يتزوج بنفسه وإنما يجوز أن يتولى المولى تزويجه، لكن ثبت بالدليل أنه إذا أمره بأن يتزوج جاز أن يتولى تزويج نفسه فيكون توليه بإذنه بمنزلة أن يتولى ذلك نفس السيد، فأما الإماء فلا شبهة في أن المولى يتولى تزويجهن خصوصا على قول من لا يجوز النكاح إلى بولي) (١).

والمعنى المستنبط يؤيده مذهب مالك، وأكثر العلماء في أن السيد يجبر عبده وأمته على النكاح (٢).

١٦٠ - وجوب الإجابة إلى القاضي العالم بحكم الله، العادل في حكمه (٣).

قال تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠)} النور: ٥٠

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي هذه الآية دليل على وجوب الإجابة إلى القاضي العالم بحكم الله العادل في حكمه؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء. والحكم من قضاة الإسلام العالمين بحكم الله، العارفين بالكتاب والسنة، العادلين في القضاء هو حكم بحكم الله وحكم رسوله، فالداعي إلى التحاكم إليهم قد دعا إلى الله وإلى رسوله، أي: إلى حكمهما) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- وجوب الإجابة إلى القاضي العالم بحكم الله، العادل في حكمه.

ووجه الاستنباط: أن العلماء ورثة الأنبياء، والحكم من قضاة الإسلام العالمين بحكم الله، العارفين بالكتاب والسنة، العادلين في القضاء هو حكم بحكم الله وحكم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فالداعي إلى التحاكم إليهم قد دعا إلى الله وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والله تعالى ذم من دُعي إلى رسوله ليحكم بينه وبين خصمه فأبى بأقبح الذم، فقال: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠)} (٥)؛ فدل ذلك على وجوب الإجابة إلى القاضي العالم بحكم الله، العادل في حكمه، وأن من لم يجبه داخل في الذم.


(١) التفسير الكبير ج ٢٣/ ص ١٨٦.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٢/ ص ٢١٩، والتسهيل لعلوم التنزيل ج ٣/ ص ٦٦.
(٣) وهو استنباط فقهي.
(٤) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٥.
(٥) وقال تعالى قبلها: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨)} النور: ٤٨.

<<  <   >  >>