للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة النمل]

١٦٧ - نعمة العلم من أجل النعم التي ينعم الله بها على عباده (١).

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥)} النمل: ١٥.

قال الشوكاني-رحمه الله-: (وفي الآية دليل على شرف العلم، وارتفاع محله، وأن نعمة العلم من أجل النعم التي ينعم الله بها علي عباده، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من العباد، ومنح شرفا جليلا) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن نعمة العلم من أجل النعم التي ينعم الله بها على عباده.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما ذكر أنه آتى داود -عليه السلام-، وسليمان -عليه السلام- علما أعقبه بأن ذكر أنهما حمدا الله الذي فضلهما على كثير من عباده المؤمنين؛ فدل ذلك على أنهما جعلا العلم أساس الفضل، ولم يعتبرا شيئا دونه مما أوتياه من الملك العظيم؛ فلزم من ذلك أن تكون نعمة العلم من أجل النعم التي ينعم الله بها على عباده.

قال الرازي: (في الآية دليل على علو مرتبة العلم؛ لأنهما أوتيا من الملك ما لم يؤت غيرهما، فلم يكن شكرهما على الملك كشكرهما على العلم) (٤)

وقال المراغي: (وفي الآية إيماء إلى فضل العلم، وشرف أهله من حيث شكرا عليه، وجعلاه أساس الفضل، ولم يعتبرا شيئا دونه مما أوتياه من الملك العظيم {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)} (٥) [المجادلة: ١١]) (٦).


(١) وهو استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ١٢٩.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) يجوز للعالم أن يذكر مرتبته في العلم لفوائد شرعية ترجع إلى أن يحذر الناس من الاغترار بمن ليست له أهلية من أهل الدعوى الكاذبة. وهذا حكم يستنبط من الآية؛ لأن شرع من قبلنا شرع لنا. قاله ابن عاشور في التحرير والتنوير ج ١٩/ ص ٢٣٣.
٢) يلزم العالم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمد الله عليها، وأن يعتقد أنه إن فضل على كثير فقد فضل عليه مثلهم. انظر: تفسير المراغي ج ١٩/ ص ١٢٧، وحدائق الروح والريحان ج ٢٠/ ص ٣٩٥.
(٤) التفسير الكبير ج ٢٤/ ص ١٥٩.
(٥) وتمامها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)}
(٦) تفسير المراغي ج ١٩/ ص ١٢٧.

<<  <   >  >>