للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٦ - رعاية الأدب مع الرب سبحانه (١).

قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)} الشعراء: ٨٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وأسند المرض إلى نفسه دون غيره من هذه الأفعال المذكورة رعاية للأدب مع الرب، وإلا فالمرض وغيره من الله سبحانه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- رعاية الأدب مع الرب سبحانه.

ووجه الاستنباط: أن إبراهيم -عليه السلام- أسند المرض إلى نفسه دون غيره من الأفعال المذكورة، والمرض وغيره من الله سبحانه؛ فدل بدلالة تغيير النظم، و بالاقتداء بإبراهيم -عليه السلام- على رعاية الأدب مع الرب سبحانه. (٣).

قال أبو السعود: (ونسبة المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله تعالى مع أنهما منه تعالى لمراعاة

حسن الأدب، كما قال الخضر -عليه السلام-: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: ٧٩] (٤)، وقال: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا … أَشُدَّهُمَا} [الكهف: ٨٢] (٥) … ) (٦).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، وأبو السعود-كما تقدم-، والآلوسي، والقنوجي، والقاسمي، والهرري. (٧).

والآية دالة بدلالة الاقتداء بأفعال الأنبياء على الأدب في الخطاب عموما.

قال الزركشي: (فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله، وأسند المرض إلى نفسه إذ هو معنى نقص ومعابة وليس من جنس النعم المتقدمة. وهذا النوع مطرد في فصاحة القرآن كثيرا … وهو أصل عظيم في الأدب في الخطاب) (٨).


(١) وهو استنباط تربوي.
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ١٠٥.
(٣) وذكر السمرقندي، والرازي، والبيضاوي أوجها أخرى لتغيير النظم راجعها في بحر العلوم ج ٢/ ص ٥٥٧، والتفسير الكبير ج ٢٤/ ص ١٢٥، وأنوار التنزيل ج ٤/ ص ٢٤٢.
(٤) وتمامها: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ … فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩)}.
(٥) وتمامها: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ … لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا … أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا … رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)}.
(٦) إرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ٢٤٩.
(٧) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ١٠٣، وإرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ٢٤٩، وروح المعاني ج ١٩/ ص ٩٦، وفتح البيان ج ٩/ ص ٣٨٩، ومحاسن التأويل ج ٧/ ص ٤٦٠، وحدائق الروح والريحان ج ٢٠/ ص ٢٢٣.
(٨) البرهان في علوم القرآن ج ٤/ ص ٥٢، ٥٣. وانظر: منهج الاستنباط من القرآن ص ٣٤٤.

<<  <   >  >>