للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي-كما تقدم-، وأبو حيان، وابن عادل الحنبلي، وأبو السعود، والقنوجي، والمراغي، والهرري كما تقدم. (١).

١٣٩ - القول بأن أصحاب الكهف سبعة وثامنهم كلبهم أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب (٢).

قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)} الكهف: ٢٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين. والموصوفون بالرجم بالغيب هم كلا الفريقين القائلين بأنهم ثلاثة، والقائلين بأنهم خمسة. {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} كأن قول هذه الفرقة أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب … ) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن القول بأن أصحاب الكهف سبعة وثامنهم كلبهم أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما حكى قولهم: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}، وقولهم: {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} أعقب ذلك بقوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}، والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين، ولما حكى قولهم: {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} لم يتبعه بإبطال؛ فدل عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب بدلالة المطرد من أسلوب القرآن-لو كان قولهم غير حق لرده القرآن- على أن القول الثالث أقرب إلى الصواب (٥).


(١) انظر: التفسير الكبير ج ٢١/ ص ٨٨، والبحر المحيط ج ٦/ ص ١٣٩، واللباب ج ١٢/ ص ٤٥٠، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ٢١٤، وفتح البيان ج ٨/ ص ٢٧، وتفسير المراغي ج ١٥/ ص ١٣٢، وحدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٣٠٥.
(٢) وهو استنباط فائدة علمية.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٧٨.
(٤) واستنبط غيره من الآية أنه لا يبحث في المسائل التي لا أهمية لها؛ إذ ليس المهم معرفة العدد بل المهم الاعتبار بالقصص؛ لقوله تعالى: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)}. انظر: تفسير المراغي ج ١٥/ ص ١٣٦، والتحرير والتنوير ج ١٥/ ص ٤٤، وحدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٣٣٤.
(٥) انظر: منهج الاستنباط من القرآن ص ٣٤٠.

<<  <   >  >>