للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عطية: (وفي هذه الألفاظ دليل على تغليظ الذنب على من واقعه على علم، وأنه أعصى من الجاهل) (١).

وفيه أيضا تحذير لكل جاهل إذ يجب عليه أن لا يقدم على شيء كالفتوى، ونحوها حتى يعلم بحكمه، خصوصا في أمور الدين.

١١ - الإرشاد إلى شهود الجماعة، والخروج إلى المساجد (٢).

قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} البقرة: ٤٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقوله: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} فيه الإرشاد إلى شهود الجماعة، والخروج إلى المساجد).

ثم قال: (وقد ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما ما هو معروف. وقد أوجب حضور الجماعة بعض أهل العلم على خلاف بينهم في كون ذلك عينا أو كفاية (٣). وذهب الجمهور إلى أنه سنة مؤكدة مرغب فيها وليس بواجب، وهو الحق للأحاديث الصحيحة الثابتة عن جماعة من الصحابة من أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة، أو بسبع وعشرين درجة (٤). وثبت في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- الذي يصلي مع الإمام أفضل من الذي يصلي وحده ثم ينام (٥). والبحث طويل الذيول كثير النقول) (٦).


(١) المحرر الوجيز ص ٨٢.
(٢) وهو استنباط فقهي.
(٣) صلاة الجماعة واجبة عند الحنفية، والحنابلة، ووجه عند الشافعية، وفي قول لبعض المالكية. ويرى بعض المالكية أنها سنة، كما يرى بعضهم أنها سنة مؤكدة. واتفق علماء الحنفية على أنه لا يرخص لأحد في تركها بغير عذر، ويأثم من تركها بغير عذر. ويرى عامة شيوخهم أنها واجبة، وسماها بعضهم سنة مؤكدة، لكنهم فسروها بما يفسر به الواجب، فالخلاف بينهم وبين من سماها واجبة لفظي. ولم يرخص الإمام الشافعي في ترك صلاة الجماعة لغير المعذور. وقد اختلف علماء الشافعية في تسميتها. فمنهم من سماها فرض عين، ومنهم من سماها فرض كفاية، ومنهم من سماها سنة مؤكدة، لكنهم اتفقوا على أن من ترك صلاة الجماعة فهو آثم. والمعتمد عندهم إلى أن صلاة الجماعة فرض كفاية. انظر: الأم ج ١/ ص ١٥٤، والصلاة وحكم تاركها ص ١٣٥ وما بعدها، وفتح الباري ج ٢، ص ١٢٦، ونيل الأوطار ج ٣/ ص ١٥١.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب: الجماعة والإمامة، باب: فضل صلاة الجماعة، رقم: ٦١٩، من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة"، ج ١/ ص ٢٣١.
ومسلم في كتاب: المساجد، باب: فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، رقم: ٦٤٩، ٦٥٠، ج ١/ ص ٤٥٠.
(٥) عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام". وفي رواية أبي كريب: حتى يصليها مع الإمام في جماعة. أخرجه مسلم في كتاب: المساجد، باب: فضل كثرة الخطا إلى المساجد، رقم: ٦٦٢، ج ١/ ص ٤٦٠.
(٦) فتح القدير ج ١/ ص ٧٧.

<<  <   >  >>