للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ودلت الآية على أن الإخوة لأم إذا استكملت بهم المسألة كانوا أقدم من الإخوة لأبوين أو لأب، وذلك في المسألة المسماة بالحمارية (١)، وهي إذا تركت الميتة زوجا، وأما، وأخوين لأم، وإخوة لأبوين؛ فإن للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين لأم الثلث، ولا شيء للأخوة لأبوين. ووجه ذلك أنه قد وجد الشرط الذي يرث عنده الإخوة من الأم، وهو كون الميت كلالة (٢)، ويؤيد هذا الحديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" (٣) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- من الآية أن الإخوة لأم إذا استكملت بهم المسألة كانوا أقدم من الإخوة لأبوين أو لأب (٦)، فلا شيء للأخوة لأبوين.


(١) وتسمى بالمشرَّكة؛ وهي التي شرِّك فيها أحد مع أحد. وتسمى المشتركة؛ لاشتراك أولاد الأبوين مع أولاد الأم، وتسمى الحجرية، واليَمْيِّة؛ لأن الذين سألوا قالوا: اجعل أبانا حجرا في اليم. وسميت أيضا بالحمارية لأن الإخوة لأبوين قالوا: هب أبانا كان حمارا. واعترض الشيخ ابن عثيمين على هذه التسمية فقال: (وبهذا نعرف أن القضية التي تروى في كتب الفرائض وهي أن قوما ترافعوا إلى عمر -رضي الله عنه- في المشرَّكة، وقالوا: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا، أنا ظني أن هذه القصة مكذوبة؛ لأنهم لو قالوا لعمر: هب أن أبانا حمار لأوجعهم ضربا؛ لأن هذا من أكبر العقوق أن يقول الإنسان: هب أبي كان حمارا، ولو قالوا: هب أبانا كان معدوما لكان أهون، أما أن يقولوا أمام أمير المؤمنين عمر المعروف بشدته في دين الله: هب أبانا حمارا فلا أظن أن يكون أبدا، وهذا مما يدل على بطلان نسبتها إلى عمر -رضي الله عنه-. شرح منظومة القلائد البرهانية ص ١٦٧ - ١٧٠.
(٢) عند الجمهور: هو الميت الذي لا ولد له ولا والد. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ٣/ ص ١٦، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ٢/ ص ٩٥، وفتح القدير ج ١/ ص ٤٣٤.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: الفرائض، باب: ميراث الولد من أبيه وأمه، رقم: ٦٣٥١، ج ٦/ ص ٢٤٧٦، ومسلم في كتاب: الفرائض، باب: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، رقم: ١٦١٥، ج ٣/ ص ١٢٣٣.
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٤٣٥. وقد ذكر الشوكاني في هذا الموضع من تفسيره أنه ألف رسالة سماها: المباحث الدرية في المسألة الحمارية، وظهر لي - والله أعلم- أنها ما تزال مخطوطة لم تطبع بعد.
(٥) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) دل لفظ الكلالة على أن الفروع وإن نزلوا، والأصول الذكور وإن علوا يسقطون أولاد الأم؛ لأن الله لم يورثهم إلا في الكلالة فلو لم يكن يورث كلالة لم يرثوا منه شيئا اتفاقا. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ١٦٨.
٢) الأخت مع البنت عصبة؛ لأن ليس في القرآن ما يدل على أن الأخوات يسقطن بالبنات، فإذا كان كذلك، وبقي شيء بعد أخذ البنات فرضهن؛ فإنه يعطى للأخوات، ولا يعدل عنهن إلى عصبة أبعد منهن، كابن الأخ والعم، ومن هو أبعد منهم. انظر: أحكام القرآن للكيا ج ٢/ ص ٣٦٣، وتيسير الكريم الرحمن ص ١٧٠.
(٦) قال ابن كثير: (وإخوة الأم يخالفون بقية الورثة من وجوه:
أحدها: أنهم يرثون مع من أدلوا به وهي الأم.
والثاني: أن ذكورهم وإناثهم في الميراث سواء.
والثالث: لا يرثون إلا إن كان ميتهم يورث كلالة، فلا يرثون مع أب، ولاجد، ولا ولد، ولا ولد ابن.
الرابع: أنهم لا يزادون على الثلث وإن كثر ذكورهم وإناثهم) تفسير القرآن العظيم ج ٣/ ص ٣٢.

<<  <   >  >>