للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى فرض للأخوة لأم (١) -في الكلالة- الثلث؛ فدل ذلك على أن غيرهم ساقط؛ فيصير الشقيق العاصب في المشرَّكة ليس له شيء.

قال السعدي: (ودل قوله: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} أن الإخوة الأشقاء يسقطون في المسألة المسماة بالحمارية، وهي زوج، وأم، وإخوة لأم، وإخوة أشقاء، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة للأم الثلث، ويسقط الأشقاء؛ لأن الله أضاف الثلث للإخوة من الأم، فلو شاركهم الأشقاء لكان جمعا لما فرق الله حكمه. وأيضا فإن الإخوة للأم أصحاب فروض والأشقاء عصبات وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" وأهل الفروض هم الذين قدر الله أنصباءهم، ففي هذه المسألة لا يبقى بعدهم شيء، فيسقط الأشقاء، وهذا هو الصواب في ذلك. وأما ميراث الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب فمذكور في قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: من الآية ١٧٦] الآية، فالأخت الواحدة شقيقة أو لأب لها النصف، والثنتان لهما الثلثان، والشقيقة الواحدة مع الأخت للأب أو الأخوات تأخذ النصف، والباقي من الثلثين للأخت أو الأخوات لأب وهو السدس تكملة الثلثين، وإذا استغرقت الشقيقات الثلثين تسقط الأخوات للأب كما تقدم في البنات وبنات الابن، وإن كان الإخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) (٢).

وممن قال بهذا: الجصاص، والقنوجي، والسعدي-كما تقدم-، وابن عثيمين. (٣). (٤).


(١) وقد أجمع المسلمون أن المراد هاهنا الإخوة من الأم؛ لأنه ذكر في آخر السورة أن للأختين الثلث، ففهموا أن المراد هنا الإخوة من الأم، وقد وردت فيها قراءة لأبي: {وله أخ أو أخت من الأم} ولسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: {وله أخ أو أخت من أم} أو {وله أخ أو أخت من لأمه}. انظر: بحر العلوم ج ١/ ص ٣١٣، والمحرر الوجيز ص ٤٠٩، والبحر المحيط ج ٣/ ص ٢٦٤، وتفسير سورة النساء لابن عثيمين ج ١/ ص ١٠٧.
(٢) تيسير الكريم الرحمن ص ١٦٦.
(٣) انظر: أحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٤، وفتح البيان ج ٣/ ص ٤٦، وتيسير الكريم الرحمن ص ١٦٦، وشرح منظومة القلائد البرهانية ص ١٦٧.
(٤) وكان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لا يشرك بينهم، بل يجعل الثلث لأولاد الأم، ولا شيء لأولاد الأبوين، والحالة هذه؛ لأنهم عصبة. وقال وكيع بن الجراح: لم يختلف عنه في ذلك. وهذا قول أبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهم-، وهو المشهور عن ابن عباس -رضي الله عنهم-، وهو مذهب الشعبي، وابن أبي ليلى، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وغيرهم. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ٣/ ص ٢٤، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ٢/ ص ٩٦، ٩٧، والمغني ج ٦/ ص ١٧٢، وتفسير القرآن العظيم ج ٣/ ص ٣٢.

<<  <   >  >>