(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ٣٥٠. (٣) واستنبط غيره أن في الآية تنبيها على أن دخول الجنة لا باستحقاق بل بفضله سبحانه، وليس في الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم. وهذا على أن الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون يدخلون الجنة. انظر: حدائق الروح والريحان ج ٢٣/ ص ٤١٧. (٤) رجح ابن جرير الطبري أن يكون مرجع الضمير في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)} [فاطر: ٣٢] عائدا على الأصناف الثلاثة، قال: فبين أن المصطفين من عباده هم مؤمنو أمته، وأما الظالم لنفسه فإنه لأن يكون من أهل الذنوب والمعاصي التي هي دون النفاق والشرك عندي أشبه بمعنى الآية من أن يكون المنافق أو الكافر؛ وذلك أن الله تعالى ذكره أتبع هذه الآية قوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}، فعم بدخول الجنة جميع الأصناف الثلاثة. فإن قال قائل: فإن قوله: {يَدْخُلُونَهَا} إنما عني به المقتصد والسابق؛ قيل له: وما برهانك على أن ذلك كذلك من خبر أو عقل، فإن قال: قيام الحجة أن الظالم من هذه الأمة سيدخل النار، ولو لم يدخل النار من هذه الأصناف الثلاثة أحد وجب أن لا يكون لأهل الإيمان وعيد؛ قيل: إنه ليس في الآية خبر أنهم لا يدخلون النار، وإنما فيها إخبار من الله تعالى ذكره أنهم يدخلون جنات عدن، وجائز أن يدخلها الظالم لنفسه بعد عقوبة الله إياه على ذنوبه التي أصابها في الدنيا وظلمه نفسه فيها بالنار، أو بما شاء من عقابه، ثم يدخله الجنة، فيكون ممن عمه خبر الله جل ثناؤه بقوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}. انظر: جامع البيان ج ١٩/ ص ٣٧٤، ٣٧٥. وقال ابن عطية: (واختلف الناس في عود الضمير من قوله: {فَمِنْهُمْ}، فقال ابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهم- ما مقتضاه أن الضمير عائد على {الَّذِينَ}، والأصناف الثلاثة هي كلها في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالظالم لنفسه العاصي المسرف، والمقتصد متقي الكبائر وهو الجمهور من الأمة، والسابق المتقي على الإطلاق. وقالت هذه الفرقة: والأصناف الثلاثة في الجنة، وقاله أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-، والضمير في {يَدْخُلُونَهَا} عائد على الأصناف الثلاثة، قالت عائشة -رضي الله عنهم-: دخلوا الجنة كلهم). المحرر الوجيز ١٥٥٢. ونبه ابن جزي إلى أن الزمخشري قال: إن الضمير يعود على السابق خاصة، وذلك على قول المعتزلة في الوعيد. انظر: التسهيل لعلوم التنزيل ج ٣/ ص ١٥٩.