للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة إبراهيم -عليه السلام-]

١٢١ - طلب الأمن مقدم على سائر المطالب؛ لأنه إذا انتفي الأمن لم يفرغ الإنسان لشيء آخر من أمور الدين والدنيا (١).

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} إبراهيم: ٣٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقدم طلب الأمن على سائر المطالب المذكورة بعده؛ لأنه إذا انتفي الأمن لم يفرغ الإنسان لشيء آخر من أمور الدين والدنيا. وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية في البقرة عند قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} (٢) [البقرة: ١٢٦]، والفرق بين ما هنا وما هنالك أن المطلوب هنا مجرد الأمن للبلد، والمطلوب هنالك البلدية والأمن (٣) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- أن تقديم طلب الأمن على سائر المطالب المذكورة بعده؛ لأنه إذا انتفي الأمن لم يفرغ الإنسان لشيء آخر من أمور الدين والدنيا.


(١) وهو استنباط في مقاصد الشريعة.
(٢) وتمامها: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ … فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ … الْمَصِيرُ (١٢٦)}.
(٣) قال الزمخشري: (فإن قلت: أي فرق بين قوله: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا}، وبين قوله: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}؛ قلت: قد سأل في الأول أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن كأنه قال هو بلد مخوف فاجعله آمنا). الكشاف ج ٢/ ص ٥٢٣. ومثله في التفسير الكبير ج ١٩/ ص ١٠٤.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ١١٢.
(٥) واستنبط غيره من قوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} استنباطات أخرى، منها:
١) أن فيه دليلا على أن المؤمن لا ينبغي له أن يأمن على إيمانه، وينبغي أن يكون متضرعا إلى الله ليثبته على الإيمان كما سأله إبراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الإيمان. انظر: بحر العلوم ج ٢/ ص ٢٤٥.
٢) فيه دليل على أن عصمة الأنبياء بتوفيق الله وحفظه إياهم، وهو بظاهره لا يتناول أحفاده وجميع ذريته. انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٣٥١.

<<  <   >  >>