للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى وعد عباده الصالحين بعقبى الدار وهي الجنة، ثم ذكر أنه يلحق بهم من أقاربهم من صلح، فقيد ذلك بالصلاح؛ فدل بمفهوم المخالفة-مفهوم القيد- على أنه لا يلحق بالصالحين في الجنة من أقاربهم إلا من كان صالحا، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج أو الذرية بدون صلاح.

قال البيضاوي: (وفي التقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا تنفع) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: البيضاوي-كما تقدم- وأبو حيان، وأبو السعود، والقنوجي. (٢).

ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨)} [غافر: ٨]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)} [الطور: ٢١].

وفي هذا الاستنباط بيان لأهمية الصلاح، وحث عليه؛ إذ الأنساب لا تنفع إذا لم يحصل معها أعمال صالحة، بل الآباء والأزواج والذريات لا يدخلون الجنة إلا بالأعمال الصالحة (٣).

قال أبو السعود: (وفي التقييد بالصلاح قطع للأطماع الفارغة لمن يتمسك بمجرد حبل الأنساب) (٤).


(١) أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٣٢٧.
(٢) انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٣٢٧، والبحر المحيط ج ٥/ ص ٤٩٧، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٨، وفتح البيان ج ٧/ ص ٤٨.
(٣) انظر: التفسير الكبير ج ١٩/ ص ٣٦.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٨.

<<  <   >  >>