للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: الآلوسي-كما تقدم-، والقنوجي. (١).

أما القول بأنه ضُمِّن معنى القول فتعقبه القنوجي بقوله: (وقيل: وجه التعدية بفي أنه ضُمِّن معنى القول، والأول أولى؛ لأن تضمين أرسلنا معنى قلنا لايستلزم تعديته بفي) (٢).

١٥٤ - الأقل من كفار قريش كانوا لا يكرهون الحق ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفا من الكارهين له (٣).

قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ … (٧٠)} المؤمنون: ٧٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ … (٧٠)} لما جبلوا عليه من التعصب والانحراف عن الصواب والبعد عن الحق، فلذلك كرهوا هذا الحق الواضح الظاهر. وظاهر النظم أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق، ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفا من الكارهين له) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- الأقل من كفار قريش كانوا لا يكرهون الحق ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفا من الكارهين له (٦).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما ذكر موقف كفار قريش من الحق ذكر تعالى أن أكثر الكفار هم الكارهون للحق؛ فدل بدلالة مفهوم المخالفة -بالتقييد بالأكثر- على أن الأقل من كفار قريش كانوا لا يكرهون الحق ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفا من الكارهين له.

قال أبو حيان: (يدل على أن فيهم من لا يكره الحق، وذلك من يترك الإيمان أنفة واستكبارا من توبيخ قومه أن يقولوا صبأ، وترك دين آبائه) (٧).

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري، والرازي، والبيضاوي، والنسفي، وأبو حيان-كما تقدم-، وابن عادل الحنبلي، والآلوسي، والقنوجي. (٨).


(١) انظر: روح المعاني ج ١٨/ ص ٢٨، ٢٩، وفتح البيان ج ٩/ ص ١١٦.
(٢) فتح البيان ج ٩/ ص ١١٦.
(٣) وهو استنباط عقدي لأن كره الحق نفاق.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٤٩٢.
(٥) واستنبط القصاب أن الآية دليل على أن خبر الواحد يلزم قبوله بشرط معرفة المخبَر بصدق المخبِر، وثبات عقله؛ لأن حجج قريش كانت منقطعة بما عرفت من عقل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصدقه، فلزمهم خبره عن الله. انظر: نكت القرآن ج ٢/ ص ٣٦٧.
(٦) تقدم مثل هذا الاستنباط في سورة الأنفال: ٣٤.
(٧) البحر المحيط ج ٦/ ٥٠٦.
(٨) انظر: الكشاف ج ٣/ ص ١٩٧، والتفسير الكبير ج ٢٣/ ص ٩٧، وأنوار التنزيل ج ٤/ ص ١٦٢، ومدارك التنزيل ج ٣/ ص ١٨٥، والبحر المحيط ج ٦/ ٥٠٦، واللباب ج ١٤/ ص ٢٤٢، وروح المعاني ج ١٨/ ص ٥١، وفتح البيان ج ٩/ ص ١٣٧.

<<  <   >  >>