للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول البيضاوي: - عند قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦)} [الرحمن: ٣٥ - ٣٦]-: (فإن التهديد لطف، والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء) (١).

٢٠٣ - الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه وعملوا بفرائضه وانتهوا عن مناهيه (٢).

قال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦)} الرحمن: ٥٦.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي هذه الآية، بل في كثير من آيات هذه السورة دليل أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه، وعملوا بفرائضه، وانتهوا عن مناهيه) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه، وعملوا بفرائضه، وانتهوا عن مناهيه (٥).

ووجه الاستنباط: أن الله امتن على عباده المنعمين في الجنة بقاصرات الطرف اللاتي لم يطمثهن أنس ولا جان؛ فدل بدلالة الالتزام على أن في الجنة جنا، أي أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه، وعملوا بفرائضه، وانتهوا عن مناهيه.

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، وابن كثير، وابن عادل، والبروسوي، والقنوجي، والشنقيطي، وابن عثيمين، والهرري. (٦).

كما أيد الطوفي المعنى المستنبط -مع أنه ذكر أن دلالة الآية عليه ليست بالقوية- فقال: (فيه أن الجن يطمثون النساء، وربما أشعر هذا بأن مؤمنيهم في الجنة، وليست دلالته بالقوية على ذلك. والنصوص وردت بأن عصاتهم في النار، أما أن مؤمنيهم في الجنة فاختلف فيه، فقيل: نعم بالقياس على مؤمني الإنس بجامع الإيمان والطاعة، وقيل: لا لعدم النص فيه، ومثله لا يثبت بالقياس، فعلى هذا قيل: يصيرون ترابا أو يفنون بوجه من وجوه الفناء كالبهائم، وهو بعيد، والأشبه مشاركتهم في الرضوان لمشاركتهم في الإيمان) (٧).


(١) أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٢٧٨.
(٢) وهو استنباط عقدي.
(٣) فتح القدير ج ٥/ ص ١٤١.
(٤) واستنبط غيره من الآية فضل الأبكار على الثيب؛ إذ لا يصفهن ببراءتهن من الطمث إلا وقد فضلن على من طمثن. انظر: نكت القرآن ج ٤/ ص ٢١٠، وحدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ٣١٩.
(٥) تقدم مثل هذا الاستنباط في سورتي الأنعام: ١٣٠، ١٣٢، و الأحقاف: ٣١.
(٦) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٧/ ص ١٥٦، وتفسير القرآن العظيم ج ٧/ ص ١١٦، واللباب ج ١٨/ ص ٣٥٢، وروح البيان ج ٩/ ص ٣٠٦، وفتح البيان ج ١٣/ ص ٣٤٢، وأضواء البيان ج ٥/ ص ٤٧، وتفسير السور من الحجرات إلى الحديد ص ٣٢١، وحدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ٣١٩.
(٧) الإشارات الإلهية ج ٣/ ص ٣١٢.

<<  <   >  >>