للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن العربي: (قال قوم: هذه الآية دليل على تحريم نكاح المتعة؛ لأن الله قد حرم الفرج إلا بالنكاح أو بملك اليمين، والمتمتعة ليست بزوجة. وهذا يضعف؛ فإنا لو قلنا إن نكاح المتعة جائز فهي زوجة إلى أجل ينطلق عليها اسم الزوجة، وإن قلنا بالحق الذي أجمعت عليها الأمة من تحريم نكاح المتعة لما كانت زوجة، فلم تدخل في الآية، وبقيت على أصل حفظ الفرج وتحريمه من سببها).

والقول الأول أظهر والله أعلم؛ لأنه قول الجمهور، ولأن نكاح المتعة مما وراء ذلك، فليس بزواج ولا بملك يمين. قال الطوفي: (يحتج به الجمهور على تحريم المتعة؛ لأن ذات المتعة لا ملك يمين بإجماع، ولا هي زوجة لعدم التوارث بينهما؛ فتكون داخلة في حد العدوان) (١).

وقال الشنقيطي: المرأة المستمتع بها في نكاح المتعة ليست زوجة ولا مملوكة، أما كونها غير مملوكة فواضح، وأما الدليل على كونها غير زوجة فهو انتفاء لوازم الزوجية عنها، كالميراث، والعدة، والطلاق، والنفقة ونحو ذلك، فلو كانت زوجة لورثت، واعتدت، ووقع عليها الطلاق، ووجبت لها النفقة، فلما انتفت عنها لوازم الزوجية علمنا أنها ليست بزوجة؛ لأن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم بإجماع العقلاء (٢).

وقال محمد أبو زهرة: (ولا شك أن نكاح المتعة مما وراء ذلك؛ لأنها ليست زواجا ولا ملك يمين، وبها احتجت عائشة على ابن عباس، وأخطأ الزمخشري ومن تبعه إذ عدها زواجا وما هي بزواج، وما سماها أحد من السلف زواجا) (٣).

١٥٣ - تعدى فعل الإرسال بفي للدلالة على أن هذا الرسول المرسل إليهم (٤) نشأ فيهم بين أظهرهم يعرفون مكانه ومولده ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم (٥).


(١) الإشارات الإلهية ج ٣/ ص ٤٤.
(٢) انظر: أضواء البيان ج ٣/ ص ٥٥١.
(٣) زهرة التفاسير ٥٠٤٨.
(٤) قال الرازي: (اعلم أن هذه القصة هي قصة هود -عليه السلام- في قول ابن عباس -رضي الله عنه- وأكثر المفسرين، واحتجوا عليه بحكاية الله تعالى قول هود -عليه السلام-: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩)} [الأعراف: ٦٩]، ومجيء قصة هود عقيب قصة نوح في سورة الأعراف، وسورة هود، والشعراء. وقال بعضهم المراد بهم صالح وثمود؛ لأن قومه الذين كذبوه هم الذين هلكوا بالصيحة). التفسير الكبير ج ٢٣/ ص ٨٥.
(٥) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بمناسبة لفظ "في"). وهو استنباط بلاغي أيضا.

<<  <   >  >>