للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الإسراء]

١٣١ - عطاء الله إنما هو بمحض التفضل (١).

قال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)} الإسراء: ٢٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي قوله: {مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} إشارة إلى أن ذلك بمحض التفضل) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن عطاء الله إنما هو بمحض التفضل لا بطريق الاستيجاب، والاستحقاق بالسعي، والعمل الصالح (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى بيَّن كمال رأفته وشمول رحمته فقال: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ} أي: كل واحد من الفريقين نمد، أي: نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع، نرزق المؤمنين والكفار، وأهل الطاعة وأهل المعصية، لا توثر معصية العاصي في قطع رزقه، ثم قال: {مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ}؛ فدلت مناسبة ذكر عطاء الله، والتنصيص عليه، واختيار لفظة عطاء دون غيرها على أن عطاء الله إنما هو بمحض التفضل، لا بطريق الاستيجاب، والاستحقاق بالسعي، والعمل الصالح.

قال أبو السعود: ({مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} متعلق بنمد، ومغن عن ذكر ما به الإمداد، ومنبه على أن الإمداد المذكور ليس بطريق الاستيجاب بالسعي والعمل، بل بمحض التفضل) (٤).

وممن قال بهذا الاستنباط: البقاعي، وأبو السعود-كما تقدم-، والقنوجي، والهرري. (٥).


(١) وهو استنباط في الرقائق.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢١٧.
(٣) تقدم ما يقارب معناه معنى هذا الاستنباط عند قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)} يونس: ١٠٧. حيث قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} أي خير كان لم يستطع أحد أن يدفعه عنك، ويحول بينك وبينه كائنا من كان. وعبر بالفضل مكان الخير للإرشاد إلى أنه يتفضل على عباده بما لا يستحقونه بأعمالهم). فتح القدير ج ٢/ ص ٤٧٨.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٦٥.
(٥) انظر: نظم الدرر ج ٤/ ص ٣٧٣، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٦٥، وفتح البيان ج ٧/ ص ٣٧٢، وحدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٦٤.

<<  <   >  >>