للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر الرازي أن المناسبة هي أن الإنسان لشدة نفرته عن مفارقة الوطن ربما ظن نفسه عاجزا عنها، مع أنه لا يكون كذلك في الحقيقة؛ فلهذا المعنى ذكر العفو بكلمة عسى لا بالكلمة الدالة على القطع (١).

ولا تزاحم بين هذه المناسبات. وما ذكره الشوكاني يصح كاستنباط دقيق يستأنس به مع الأدلة الصريحة في وجوب الهجرة، و قد بسط الشوكاني ذكرها في كتابه: نيل الأوطار (٢).

٥٩ - مناسبة قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} بعد ذكر اتخاذ الله إبراهيم -عليه السلام- خليلا؛ لبيان أنه سبحانه اتخذ إبراهيم -عليه السلام- خليلا؛ لطاعته، لا لحاجته، ولا للتكثير به، والاعتضاد بمخاللته (٣).

قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ … حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ … خَلِيلًا (١٢٥) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (١٢٦)} النساء: ١٢٥ - ١٢٦.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فيه إشارة إلى أنه سبحانه اتخذ إبراهيم خليلا؛ لطاعته، لا لحاجته، ولا للتكثير به، والاعتضاد بمخاللته) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- أن مناسبة قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} بعد ذكر اتخاذ الله إبراهيم خليلا لبيان أنه سبحانه اتخذ إبراهيم خليلا؛ لطاعته، لا لحاجته، ولا للتكثير به، والاعتضاد بمخاللته.


(١) انظر: التفسير الكبير ج ١١/ ص ١٢.
(٢) انظر: باب بقاء الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وأن لا هجرة من دار أسلم أهلها ج ٨/ ص ١٧٦ - ١٧٩.
(٣) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٥١٩.
(٥) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) إثبات أفعال الله؛ لقوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ … خَلِيلًا (١٢٥)} فإن الله يفعل ما يريد، ومتى شاء. وفيه رد على من يقول: إن الله لا تقوم به الأفعال الاختيارية، ولا يتجدد له فعل، انظر: نكت القرآن ج ١/ ص ٢٧٤، وتفسير سورة النساء لابن عثيمين ج ٢/ ص ٢٧٢.
٢) قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (١٢٦)} مناسب لأول الآية؛ لأن من ملك شيئا فلابد أن يحيط به علما وقدرة ليصح تصرفه فيه. انظر: قطف الأزهار ج ٢/ ص ٧٥٤.

<<  <   >  >>