للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٣ - جواز الاجتهاد من النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).

قال تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)} التوبة: ٤٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي الآية دليل على جواز الاجتهاد منه -صلى الله عليه وسلم-. والمسألة مدونة في الأصول (٢) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية جواز اجتهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- (٤).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى عاتب نبيه -صلى الله عليه وسلم- على الإذن لبعض المنافقين الذين عزموا على القعود، فعاتبه على ما اجتهد فيه، ولم ينكر عليه الاجتهاد؛ فدل ذلك على جواز اجتهاد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

أو أن وجهه: أن الله عاتبه على ما وقع منه، ولو كان ذلك بالوحي لم يعاتبه (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي، والآلوسي، والقنوجي. (٦).

وقد أثبت الرازي دلالة الآية على جواز اجتهاد النبي -صلى الله عليه وسلم-، رادا على أقوال المخالفين بقوله: فإن قيل: فهذا يدل على أنه لا يجوز له الحكم بالاجتهاد أولى؛ لأنه تعالى منعه من هذا الحكم بقوله: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}.


(١) وهو استنباط أصولي.
(٢) انظر: روضة الناظر ج ٢/ ص ٤٥١ - ٤٥٦، والبحر المحيط ج ٦/ ص ٢١٤ - ٢١٦، وإرشاد الفحول ص ٥٧٧ - ٥٧٩، والوجيز في أصول الفقه الإسلامي ص ٣٤٦ - ٣٤٨ ..
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٦٥.
(٤) أكد الشوكاني عند قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)} [الأنعام: ٥٠] جواز اجتهاد الأنبياء، ورد قول المانعين بقوله: ({إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} أي: ما أتبع إلا ما يوحيه الله إلي. وقد تمسك بذلك من لم يثبت اجتهاد الأنبياء عملا بما يفيده القصر في هذه الآية، والمسألة مدونه في الأصول، والأدلة عليها معروفة وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أوتيت القرآن ومثله معه"). فتح القدير ج ٢/ ص ١١٨.
(٥) ذكر الشوكاني هذا الوجه في إرشاد الفحول ص ٥٧٩.
(٦) انظر: التفسير الكبير ج ١٦/ ص ٦٠، وروح المعاني ج ١٠/ ص ١٠٩، وفتح البيان ج ٥/ ص ٣١٠.

<<  <   >  >>