للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القصاب: ({لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} دليل على أن من حلف أن لا يطعم شيئا لوقت، فشرب شرابا أنه يحنث؛ لأن الآية نزلت في الذين ماتوا وهم يشربون الخمر قبل تحريمها) (١).

وثانيهما: حديث ابن عمر -رضي الله عنهم-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فينتقل طعامه؟ إنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه" (٢).

فسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- اللبن طعاما وهو مشروب، فكذلك الماء (٣).

٣١ - محاجة الذي حاج إبراهيم -عليه السلام- كفر (٤).

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)} البقرة: ٢٥٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقال سبحانه: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، ولم يقل: فبهت الذي حاج؛ إشعار بأن تلك المحاجة كفر) (٥).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٦) -رحمه الله- أن محاجة الذي حاج إبراهيم -عليه السلام- كانت كفرا.


(١) نكت القرآن ج ١/ ص ٣١٩.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب: اللقطة، باب: تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، رقم: ١٧٢٦، ج ٣/ ص ١٣٥٢.
(٣) انظر: المغني ج ١٠/ ص ٥٢.
(٤) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بقصص الأنبياء)، ويجوز أن يكون استنباطا عقديا.
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٢٧٨.
(٦) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) جواز تسمية الكافر ملكا إذا آتاه الله الملك والعز والرفعة في الدنيا. انظر: أحكام القرآن للكيا ج ١/ ص ٢٢٥، والجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٧٣.
٢) الآية أصل في علم الجدل والمناظرة. انظر: أحكام القرآن للكيا ج ١/ ص ٢٢٥، والجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٧٣، والإشارات الإلهية ج ١/ ص ٣٥٨، والإكليل ج ١/ ص ٤٤٠، والتحرير والتنوير ج ٢/ ص ٥٠٧.
٣) الرد على القدرية الذين يقولون: إن الإنسان حر: يهتدي بنفسه، ويضل بنفسه. ووجه الاستنباط أن الله قال: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)} فنسب الهداية إليه. انظر: تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ٢٨٥. …
٤) من أخذ بالعدل كان حريا بالهداية. ووجه الاستنباط: مفهوم المخالفة في قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)}؛ فإذا كان الظالم لا يهديه الله؛ فصاحب العدل حري بالهداية. انظر: تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ٢٨٦. وانظر غيرها من الاستنباطات النافعة للشيخ في تفسيره ص ٢٨١ - ٢٨٦.

<<  <   >  >>