للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي حملهم لهذه الورق معهم دليل على أن إمساك بعض ما يحتاج إليه الإنسان لا ينافي التوكل على الله) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٢) -رحمه الله- أن إمساك الإنسان بعض ما يحتاج إليه لا ينافي التوكل على الله.

ووجه الاستنباط: أن الفتية أصحاب الكهف قالوا بعد أن بعثهم الله من نومهم: … {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} أي أنهم مع قوة إيمانهم، وثقتهم بربهم، وتوكلهم عليه كانوا يحملون معهم وَرِقا، وكانت دراهم تزودوها حين خروجهم إلى الكهف لعلهم يحتاجون إليه؛ فدل بدلالة الاعتبار بقصص القرآن، والاقتداء بالصالحين على أن إمساك الإنسان بعض ما يحتاج إليه لا ينافي التوكل على الله.

قال الرازي: (وهذه الآية تدل على أن السعي في إمساك الزاد أمر مهم مشروع، وأنه لا يبطل التوكل) (٣).

وقال الهرري: وفي قولهم: {هَذِهِ} إشارة إلى أن التأهب لأسباب المعاش بحمل الدراهم ونحوها لمن خرج من منزله لا ينافي التوكل على الله (٤).


(١) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٧٦.
(٢) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) في توكيل المبعوث لشراء الطعام بالورق دليل على الوكالة وصحتها. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٠/ ص ٣٢٦، والتسهيل لعلوم التنزيل ج ٢/ ص ١٨٤، والإكليل ج ٣/ ص ٩٢٧، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤٧٣.
٢) جواز الشركة؛ لأن الورق كان لجميعهم. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٠/ ص ٣٢٨، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤٧٣.
٣) جواز أكل الطيبات والمطاعم اللذيذة إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه؛ لقوله: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} وخصوصا إذا كان الإنسان لا يلائمه إلا ذلك. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٤٧٣.
٤) دل قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} على مشروعية استجادة الطعام واستطابته بأقصى ما يمكن؛ لصيغة التفضيل، فإن الغذاء الأزكى المتوفر فيه الشروط الصحيحة يفيد الجسم، ولا يتعبه؛ ولذلك يجب طبا الاعتناء بجودته وتزكيته، كما فصل في قوانين الصحة. انظر: محاسن التأويل ج ٧/ ص ١٥.
٥) فيه دليل على جواز الاجتهاد، والقول بالظن الغالب. انظر: فتح البيان ج ٨/ ص ٢٧. وهذا مثال لما زاده القنوجي من استنباطات عما عند الشوكاني.
(٣) التفسير الكبير ج ٢١/ ص ٨٨.
(٤) حدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٣٠٥.

<<  <   >  >>