للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا} بالله {وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧)} الوقوع فيما حرمه عليهم، والمراد بهم المحسنون المتقدم ذكرهم. وفيه تنبيه على أن الإحسان المعتد به هو الإيمان والتقوى) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٢) -رحمه الله- أن الإحسان المعتد به هو الإيمان والتقوى.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما ذكر ما أنعم به على يوسف -عليه السلام- في الدنيا، ذكر أنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين، ثم لما كان ما أصاب يوسف -عليه السلام- من عز الدنيا والتمكين في الأرض، وكان هذا مما يستعظمه الناس في الدنيا، وكان عزها لا يعد في الحقيقة إلا إن كان موصولاً بنعيم الآخرة؛ نبه على ما ليوسف -عليه السلام- في الآخرة مما لا يعد هذا في جنبه شيئاً؛ فقال: {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧)}؛ فذكر الذين آمنوا وكانوا يتقون موضع المحسنين (٣)؛ فدل بدلالة وضع الظاهر موضع الضمير على أن الإحسان المعتد به هو الإيمان والتقوى.

قال أبو السعود: ({وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} أي: للمحسنين المذكورين، وإنما وضع موضعه الموصول فقيل: {لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧)} تنبيها على أن المراد بالإحسان إنما هو الإيمان، والثبات على التقوى المستفاد من جمع صيغتي الماضي والمستقبل) (٤).

والمقصود التنبيه على فضل الإيمان والتقوى، وأن منزلة الإحسان لا تنال إلا بالجمع بينهما.

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود-كما تقدم-، والآلوسي، والقنوجي، والسعدي. (٥).


(١) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٦.
(٢) واستنبط القصاب من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) نيل الدنيا إذا لم يشغل عن الآخرة غير مذموم. ووجهه: أن الله ذكر ما أصاب يوسف -عليه السلام- من عز الدنيا والتمكين في الأرض في معرض الامتنان بنعمته سبحانه.
٢) جواز الخصوص في ذكر العموم؛ إذ لا محالة تمكين يوسف -عليه السلام- لم يكن في جميع الأرض، بل كان في أرض مصر وما حولها دون سائر الأرض. انظر الاستنباطين في: نكت القرآن ج ١/ ص ٦١٩.
(٣) مستفاد من نظم الدرر ج ٤/ ص ٦١.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٢٨٧.
(٥) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٢٨٧، وروح المعاني ج ١٣/ ص ٦، وفتح البيان ج ٦/ ص ٣٥٨، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤٠١.

<<  <   >  >>