للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} هو من باب عطف الخاص على العام لشناعته وفظاعته. قال الشنقيطي: (وهذا من عطف الخاص على العام؛ لأن قوله:

{لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} شامل للذين قالوا اتخذ الله ولدا ولغيرهم من سائر الكفار. وقد تقرر في فن المعاني أن عطف الخاص على العام إذا كان الخاص يمتاز عن سائر أفراد العام بصفات حسنة أو قبيحة من الإطناب المقبول، تنزيلا للتغاير في الصفات منزلة التغاير في الذوات. ومثاله في الممتاز عن سائر أفراد العام بصفات حسنة قوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ}، وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (١) [الأحزاب: ٧]. ومثاله في الممتاز بصفات قبيحة الآية التي نحن بصددها؛ فإن الذين قالوا اتخذ الله ولدا امتازوا عن غيرهم بفرية شنعاء، ولذا ساغ عطفهم على اللفظ الشامل لهم ولغيرهم) (٢).

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي-كما تقدم-، وابن عادل الحنبلي، والقنوجي (٣). وأشار إليه البيضاوي، وأبو السعود، والقاسمي، والشنقيطي. (٤).

١٣٨ - إمساك الإنسان بعض ما يحتاج إليه لا ينافي التوكل على الله (٥).

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩)} الكهف: ١٩.


(١) وتمامها: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)}
(٢) أضواء البيان ج ٢/ ص ٣٣٦.
(٣) انظر: التفسير الكبير ج ٢١/ ص ٦٦، واللباب ج ١٢/ ص ٤٢١، وفتح البيان ج ٨/ ص ١٠.
(٤) انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٤٧٦، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ٢٠٣، ومحاسن التأويل ج ٧/ ص ٥، وأضواء البيان ج ٢/ ص ٣٣٦ ..
(٥) وهو استنباط عقدي.

<<  <   >  >>