للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ ابن عثيمين: لا يجوز أن يتراجع الزوجان حتى يغلب على ظنهما أن يقيما حدود الله، وجه ذلك: أنهما إن تراجعا بغير هذا الشرط صار هذا العقد عبئا، وعناء، وتعبا، وخسارة مالية،؛ لأنهما لا يضمنان أن يرجعا إلى الحال الأولى (١).

٢٧ - مدة تمام الرضاع حولين حقيقة، لا تقريباً (٢).

قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)} البقرة: ٢٣٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقوله: {كَامِلَيْنِ} تأكيد للدلالة على أن هذا التقدير لا تقريبي) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) أن مدة تمام الرضاع حولين حقيقة، لا تقريبا.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى بيَّن أن مدة الرضاع حولين، ثم أعقبها بقوله: {كَامِلَيْنِ}؛ فدل ذكره كاملين بعد الحولين -مع أن فيها مستغنى عن ذكر الكاملين- بدلالة التأكيد على أن المراد بالحولين حقيقة، لا تقريباً. وجاء التأكيد لرفع توهم أن يكون المراد حولا وبعض الثاني؛ لأن إطلاق التثنية والجمع في الأزمان والأسنان على بعض المدلول إطلاق شائع عند العرب، فيقولون: هو ابن سنتين ويريدون سنة وبعض الثانية. (٥). ومنه قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)} [البقرة: ٢٠٣] ومعلوم أن المتعجل إنما يتعجل في يوم ونصف. (٦).


(١) انظر: تفسير سورة البقرة ج ٣/ ص ١١٧.
(٢) وهو استنباط فقهي.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٢٤٤، ٢٤٥.
(٤) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) اعتبار العرف بين الناس؛ لقوله: {بِالْمَعْرُوفِ}، وهذا إذا لم يخالف الشرع، فإن خالفه رد إلى الشرع.
٢) الرد على الجبرية بقول الله تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، والجبرية يسلبون الإنسان إرادته، راجع هذين الاستنباطين وغيرهما في تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ١٤٧ وما بعدها.
(٥) انظر: جامع البيان ج ٤/ ص ٢٠٠، والتحرير والتنوير ج ٢/ ص ٤١٠.
(٦) انظر: جامع البيان ج ٤/ ص ٢٠٠.

<<  <   >  >>