للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المثال الثالث]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)} [الكهف: ٦٦] أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب (١)؛ فقال -رحمه الله-: (في هذا السؤال ملاطفة، ومبالغة في حسن الأدب؛ لأنه استأذنه أن يكون تابعا له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم … وفي الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب، وليس في ذلك ما يدل على أن الخضر أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية، والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر علم بعض الغيب، ومعرفة البواطن) (٢).

[موضوعات أخرى للاستنباط]

يظهر للمتأمل في استنباطات الشوكاني عنايته بموضوعات أخرى غير التي تقدم ذكرها، وهذه الموضوعات هي: الدعوات والذكر، والأخلاق، والدعوة، والسيرة النبوية، والطب، والتأريخ.

[أمثلة للاستنباط في هذه الموضوعات]

• الدعوات والذكر: استنبط الشوكاني أربعة عشر استنباطا في الدعوات والذكر (٣). وأمثلة ذلك:

١ - ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)} [الروم: ١٧ - ١٨] حيث قال -رحمه الله-: (وجملة: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} معترضة مسوقة للإرشاد إلى الحمد، والإيذان بمشروعية الجمع بينه وبين التسبيح كما في قوله سبحانه: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: من الآية ٩٨]، و {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: من الآية ٣٠]) (٤).

٢ - ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)} [الأحقاف: ١٥] حيث قال -رحمه الله-: (وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات) (٥).


(١) انظر: الاستنباط رقم: ١٤٠.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٩٩.
(٣) انظر أمثلة لذلك في الاستنباطات رقم: ٧١، ٨٥، ٨٩، ١٠٠، ١٠٥، ١٠٨، ١٥١، ١٩٥، ٢٠٧، ٢١٢.
(٤) فتح القدير ج ٤/ ص ٢١٨، ٢١٩. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٧٥.
(٥) فتح القدير ج ٥/ ص ١٨. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٩١.

<<  <   >  >>