للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣ - الإيمان يزيد وينقص (١).

قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)} آل عمران: ١٧٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفيه دليل على أن الإيمان يزيد وينقص) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- من الآية أن الإيمان يزيد وينقص.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أن الإيمان يزيد؛ فدل بدلالة الالتزام على أنه ينقص أيضا؛ لأن كل ما يزيد ينقص (٣).

وهو استنباط صحيح على مذهب أهل السنة والجماعة أيدته الآيات والأحاديث (٤).

فمن الآيات: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} [الأنفال: ٢]، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤)} [الفتح: ٤].

ومن الأحاديث الدالة عليه:

حديث الشفاعة. وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: فيه: "فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار؛ فأنطلق فأفعل هذا" (٥).


(١) وهو استنباط عقدي.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٤٠٠.
(٣) انظر: أضواء البيان ج ١/ ص ٤٣٨.
(٤) انظر: الإبانة لابن بطة العكبري، باب: زيادة الإيمان ونقصانه ج ٢/ ص ٨٣١ - ٨٦١، واعتقاد أهل السنة لللالكائي ج ٥/ ص ٩٥١، ومنهاج السنة النبوية ج ٥/ ص ٢٠٥، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص ٣٨٤، ومعارج القبول ج ١/ ص ٢٧٧، وج ٣/ ص ١٠٠٤.
(٥) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، ح ١٩٣، ج ١، ص ١٨٣. ونص الحديث: "إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك؛ فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم -عليه السلام-؛ فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى -عليه السلام-؛ فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى -عليه السلام-؛ فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فأوتى، فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل هذا".

<<  <   >  >>