للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي: (وفي هذا الحديث دلالة لمذهب السلف وأهل السنة ومن وافقهم من المتكلمين في أن الإيمان يزيد وينقص، ونظائره في الكتاب والسنة كثيرة) (١).

قال الآلوسي: ({زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: ٢] أي: تصديقا كما هو المتبادر؛ فإن تظاهر الأدلة، وتعاضد الحجج مما لا ريب في كونه موجبا لذلك، وهذا أحد أدلة من ذهب إلى أن الإيمان يقبل الزيادة والنقص، وهو مذهب الجم الغفير من الفقهاء، والمحدثين، والمتكلمين، وبه أقول؛ لكثرة الظواهر الدالة على ذلك من الكتاب والسنة من غير معارض لها عقلا، بل قد احتج عليه بعضهم بالعقل أيضا، وذلك أنه لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان؛ لكان إيمان آحاد الأمة، بل المنهمكين في الفسق والمعاصي مساويا لإيمان الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام واللازم باطل فكذا الملزوم) (٢).

وممن قال بهذا الاستنباط من هذه الآية: البيضاوي، وأبو السعود، والقنوجي، والقاسمي، ومحمد أبو زهرة، وعبد الرحمن الدوسري. (٣).

وكذا استنبط جمع من المفسرين المعنى الذي استنبطه الشوكاني من هذه الآية، لكن استنباطهم لهذا المعنى جاء من آيات أخرى مماثلة (٤) لهذه الآية. (٥).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ج ٣/ ص ٦٣.
(٢) روح المعاني ج ٩/ ص ١٦٥.
(٣) انظر: أنوار التنزيل ج ٢/ ص ١١٧، وإرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ١١٤، وفتح البيان ج ٢/ ص ٣٧٩، ومحاسن التأويل ج ٢، ص ٤٦١، وزهرة التفاسير ج ٣/ ص ١٥١٢، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٤/ ص ٤٣٥.
(٤) كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} الأنفال: ٢.
وقوله: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤)} التوبة: ١٢٤.
وقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣)} الكهف: ١٣.
وقوله: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)} مريم: ٧٦.
وقوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)} الأحزاب: ٢٢.
وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤)} الفتح: ٤.
وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)} محمد: ١٧.
وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا … هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ … (٣١)} المدثر: ٣١.
(٥) كاستنباط السمعاني في تفسير القرآن العزيز ج ٢/ ص ٢٤٨، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ١٥٧، والآلوسي في روح المعاني ج ٩/ ص ١٦٥، والسعدي في تيسير الكريم الرحمن ص ٣١٥ من آية الأنفال.
واستنباط ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ٣٧٤، والسعدي في تيسير الكريم الرحمن ص ٣٥٦ من آية التوبة.
واستنباط ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ج ٦/ ص ١٧٠ من آية الأحزاب.

<<  <   >  >>