للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الأحقاف]

١٩٠ - حق الأم آكد من حق الأب (١).

قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)} الأحقاف: ١٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ( … وفي هذه الآية إشارة إلى أن حق الأم آكد من حق الأب؛ لأنها حملته بمشقة، ووضعته بمشقة، وأرضعته هذه المدة بتعب ونصب، ولم يشاركها الأب في شيء من ذلك) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) - رحمه الله- أن حق الأم آكد من حق الأب.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى وصى بالوالدين إحسانا فذكرهما جميعا، ثم خص الأم بذكر ما لاقته من نصب الحمل، ومشقة الوضع، وتعب الإرضاع؛ فدل ذلك على أن حق الأم آكد من حق الأب.

قال ابن عادل: (دلت الآية على أن حق الأم أعظم؛ لأنه تعالى قال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} فذكرهما معاً، ثم خص الأُمَّ بالذكر فقال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} وذلك يدل على أن حقها أعظمُ، وأَنَّ وصول المشاقّ إليهما بسبب الولد كثيرة) (٤).

وهذا يستدعي الإحسان الزائد إليها، والبر بها.


(١) وهو استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ١٨.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ بدلالة التركيب بين هذه الآية وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤)} [لقمان: ١٤]. انظر: نكت القرآن ج ٤/ ص ١٤٦، والإشارات الإلهية ج ٣/ ص ٢٤٩.
٢) أجرة القابلة على المرأة؛ لإسناد الوضع إليها. انظر: أحكام القرآن لابن الفرس ج ٣/ ص ٤٧٩.
(٤) اللباب ج ١٧/ ص ٣٩٤.

<<  <   >  >>