للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣٢)} المؤمنون: ٣٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا} عدي فعل الإرسال بفي مع أنه يتعدى بإلى للدلالة على أن هذا الرسول المرسل إليهم نشأ فيهم بين أظهرهم، يعرفون مكانه ومولده، ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم. وقيل: وجه التعدية للفعل المذكور بفي أنه ضُمِّن معنى القول: أي قلنا لهم على لسان الرسول) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن فعل الإرسال تعدى بفي مع أنه يتعدى بإلى للدلالة على أن هذا الرسول المرسل إليهم نشأ فيهم بين أظهرهم يعرفون مكانه ومولده، ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم.

ووجه الاستنباط: أن فعل الإرسال تعدى بفي وحقه أن يتعدى بإلى؛ فدل بتأمل معاني حرف الجر (في) على أن هذا الرسول المرسل إليهم نشأ فيهم بين أظهرهم يعرفون مكانه ومولده، ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم.

قال الآلوسي: (وجعل القرن ظرفا للإرسال كما في قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ} [الرعد: من الآية ٣٠] (٢) لا غاية له كما في قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [الأعراف: من الآية ٥٩] (٣)؛ للإيذان من أول الأمر أن من أرسل إليهم لم يأتيهم من غير مكانهم، بل إنما نشأ فيما أظهرهم) (٤).


(١) فتح القدير ج ٣/ ص ٤٨٢.
(٢) وتمامها: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (٣٠)}.
(٣) وتمامها: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩)}.
(٤) روح المعاني ج ١٨/ ص ٢٨، ٢٩.

<<  <   >  >>