للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الوجه من الوقف رجحه القاسمي بقوله: إذا جرينا على ما هو الأسدُّ في الآي من توافق النظائر اقتضى حمل آية النمل على ما هنا (١).

وفي الآية وجه آخر للوقف هو الوقف على قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)} (٢) فيكون الحمد متصلا بما بعده من إقامة البراهين على وحدانية الله تعالى.

فعلى الوجه الأول يكون الحمد ختما، وعلى الثاني فاتحة (٣).

وفي هذا الاستنباط بيان لكون إهلاك الظالمين نعمة؛ إذ من لوازم الحمد أن يكون على نعمة.

قال ابن عاشور: (في ذلك كله تنبيه على أنه يحق الحمد لله عند هلاك الظلمة؛ لأن هلاكهم صلاح للناس، والصلاح أعظم النعم، وشكر النعمة واجب. وهذا الحمد شكر لأنه مقابل نعمة. وإنما كان هلاكهم صلاحا؛ لأن الظلم تغيير للحقوق، وإبطال للعمل بالشريعة، فإذا تغير الحق والصلاح جاء الدمار والفوضى، وافتتن الناس في حياتهم، فإذا هلك الظالمون عاد العدل وهو ميزان قوام العالم) (٤).

٧٢ - مناسبة ذكر الفقه عند الحديث عن إنشاء الأنفس من نفس واحدة، وجعل بعضها مستقرا، وبعضها مستودعا (٥).

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)} الأنعام: ٩٧ - ٩٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وذكر سبحانه هاهنا {يَفْقَهُونَ (٩٨)}، وفيما قبله {يَعْلَمُونَ}؛ لأن في إنشاء الأنفس من نفس واحدة، وجعل بعضها مستقرا، وبعضها مستودعا من الغموض والدقة ما ليس في خلق النجوم للاهتداء، فناسبه ذكر الفقه؛ لإشعاره بمزيد تدقيق، وإمعان فكر) (٦).


(١) ومحاسن التأويل ج ٤/ ص ٣٦٢
(٢) ذكر الداني أنه وقف تام. انظر: المكتفى في الوقف والابتدا ص ١٥٤. وقال الأشموني: هو تام؛ لأنه آخر قصص هذه السورة، ومن قوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} ليس فيه وقف؛ لأنه جميعه داخل في الاستفهام الأول، ومتصل بعضه ببعض من جهة المعنى. منار الهدى ص ٥٧٣.
(٣) انظر: الانتصاف ج ٢/ ص ٢٤.
(٤) التحرير والتنوير ج ٦/ ص ١٠٣.
(٥) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٦) فتح القدير ج ٢/ ص ١٤٤.

<<  <   >  >>