للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (١) -رحمه الله- أن المبذر كفور.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى سجل على المبذرين مماثلتهم الشياطين، ثم سجل على جنس الشيطان بأنه كفور- (٢) -؛ فدل بدلالة الالتزام على أن المبذر كفور؛ لأنه مماثل للشيطان وله حكمه، وكل شيطان كفور.

قال الرازي: ({وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا … (٢٧)} ومعنى كون الشيطان كفورا لربه: هو أنه يستعمل بدنه في المعاصي، والإفساد في الأرض، والإضلال للناس، وكذلك كل من رزقه الله تعالى مالا أو جاها فصرفه إلى غير مرضاة الله تعالى كان كفورا لنعمة الله تعالى، والمقصود أن المبذرين إخوان الشياطين بمعنى كونهم موافقين للشياطين في الصفة والفعل، ثم الشيطان كفور لربه؛ فيلزم كون المبذر أيضا كفورا لربه) (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي-كما تقدم-، وابن عادل الحنبلي، والواحدي، والقنوجي. (٤).

١٣٤ - في النهي عن قربان الزنى بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى (٥).

قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} الإسراء: ٣٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ( … وفي النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى؛ فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كانت حراما كان المتوسل إليه حراما بفحوى الخطاب) (٦).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٧) -رحمه الله- أن في النهي عن قربان الزنا بمباشرة مقدماته نهيا عنه بالأولى.


(١) واستنبط غيره مناسبة ذكر الربوبية في هذا المقام، والتعرض لوصف الربوبية، وذلك للإشعار بكمال عتوه، فإن كفران نعمة الرب مع كون الربوبية من قوى الدواعي إلى شكرها غاية الكفران ونهاية الضلال والطغيان. انظر: إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٦٨، وروح المعاني ج ١٥/ ص ٦٣.
(٢) المقصود بالكفور هنا -كما قال ابن كثير- الجحود؛ لأنه أنكر نعمة الله عليه، ولم يعمل بطاعته، بل أقبل على معصيته ومخالفته. تفسير القرآن العظيم ج ٥/ ص ٦٩. قال الآلوسي: (ويشعر كلام بعضهم بجواز حمل الكفر هنا على ما يقابل الإيمان وليس بذاك). روح المعاني ج ١٥/ ص ٦٣.
(٣) التفسير الكبير ج ٢٠/ ص ١٥٥.
(٤) انظر: التفسير الكبير ج ٢٠/ ص ١٥٥، واللباب ج ١٢/ ص ٢٦٤، التفسير الوجيز ج ٢/ ص ٦٣٢، وفتح البيان ج ٧/ ص ٣٨١.
(٥) وهو استنباط فقهي، وفي التفسير أيضا لشدة تعلقه بمقصود الآية.
(٦) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٢٣.
(٧) واستنبط غيره أن مناسبة توسيط النهي عن الزنا بين النهي عن قتل الأولاد، والنهي عن قتل النفس المحرمة على الإطلاق، هي باعتبار أن الزنا قتل للأولاد؛ لما أنه تضييع للأنساب، فإن من لم يثبت نسبه ميت حكما. انظر: إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٧٠، وروح المعاني ج ١٥/ ص ٦٧.
وذكر البقاعي مناسبة النهي عن الزنا عقب النهي عن قتل الأولاد، فقال: (لما كان في قتل الأولاد حظ من البخل، وفي فعل الزنا داعٍ من الإسراف، أتبعه به). نظم الدرر ج ٤/ ص ٣٧٨.

<<  <   >  >>