للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: ( … وفي التعرض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة إيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات؛ لأنه القادر على الإيجاد وإفاضة النعم، لكون الولد مجبنة ومبخلة، ولأنه أيضا يستلزم حدوث الأب لأنه متولد من جزء من أجزائه، والمحدث غير قادر على كمال الإنعام، والشركة في الملك إنما تتصور لمن لا يقدر على الاستقلال به، ومن لا يقدر على الاستقلال عاجز فضلا عن تمام ما هو له فضلا عن نظام ما هو عليه، وأيضا الشركة موجبة للتنازع بين الشريكين فقد يمنعه الشريك من إفاضة الخير إلى أوليائه، ومؤدية إلى الفساد {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (١) [الأنبياء: ٢٢]، والمحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره على من أراد إذلاله ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو مستغنى بنفسه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- من الآية أن مناسبة التعرض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة الإيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات دون غيره.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما أمر بحمده ذكر صفات جليلة له عز وجل دالة على تمام الكمال، والقدرة التامة على الإيجاد، وما يتفرع عليه من إضافة أنواع النعم؛ فدل بدلالة الربط بين أجزاء الآية على أن مناسبة ذكرها وكونه رتب الحمد عليها للدلالة على أنه الذي يستحق جنس الحمد؛ لأنه الكامل الذات، المنفرد بالإيجاد، المنعم على الإطلاق. وما عداه ناقص، مملوك نعمة، أو منعم عليه؛ ولذلك عطف عليه قوله: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} (٤).


(١) وتمام الآية: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ … عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)}.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٦٦.
(٣) واستنبط غيره أن في قوله تعالى: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} تنبيها على أن العبد وإن بالغ في التنزيه والتمجيد، واجتهد في الطاعة والتحميد فينبغي أن يعترف بالقصور. ووجهه: أن الله تعالى أمر بالتكبير بعد ما تقدم -من صفاته عز وجل- مؤكَّدا بالمصدر المنكر من غير تعيين لما يعظم به تعالى؛ فدل ذلك على أنه مما لا تسعه العبارة، ولا تفي به القوة البشرية وإن بالغ العبد في التنزيه والتمجيد، واجتهد في العبادة والتحميد. انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٤٧٣، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ٢٠١، وروح المعاني ج ١٥/ ص ١٩٦.
(٤) بعضه مستفاد من أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٤٧٣.

<<  <   >  >>