للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمعرفة هذا الاستنباط فائدة عملية ينتفع بها المتحدث إذ عليه التعبير بما يناسب المقام (١).

١٣ - مناسبة تقييد قتل اليهود النبيين بأنه كان بغير الحق لنعي هذا الأمر عليهم، وأنه ظلم بحت؛ لأن قتلهم النبيين ليس بحق في اعتقادهم الباطل (٢).

قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٦١)} البقرة: ٦١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ولم يخرج هذا مخرج التقييد حتى يقال: إنه لا يكون قتل الأنبياء بحق في حال من الأحوال لمكان العصمة، بل المراد نعي هذا الأمر عليهم وتعظيمه، وأنه ظلم بحت في نفس الأمر. ويمكن أن يقال: إنه ليس بحق في اعتقادهم الباطل، لأن الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه لم يعارضوهم في مال ولا جاه، بل أرشدوهم إلى مصالح الدين والدنيا كما كان من شعيا (٣) وزكريا ويحيى، فإنهم قتلوهم وهم يعلمون ويعتقدون أنهم ظالمون) (٤).


(١) انظر: تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ١/ ص ١٨٩.
(٢) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٣) (شعيا) في طبعات: دار الكتاب العربي، ودار المعرفة، ودار الوفاء. وفي طبعة دار الفكر كتبت (شعيبا) وهو خطأ.
وشعيا هو النبي شعيا بن أمصيا، من أنبياء بني إسرائيل بعد داود وسليمان وقبل زكريا ويحيى عليهم السلام، وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهما السلام، قُتِل نشرا. انظر: تاريخ الأمم والملوك ج ١/ ص ٣١٣ - ٣١٥، والبداية والنهاية ج ٢/ ص ٣٥٧ - ٣٥٩.
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٩٢، ٩٣. وذكر الشوكاني مثل هذا الاستنباط عند قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ … تَعْمَلُونَ (٢٣)} [يونس: ٢٣]، فقال: "والبغي وإن كان ينافي أن يكون بحق، بل لا يكون إلا بالباطل، لكن زيادة بغير الحق إشارة إلى أنهم فعلوا ذلك بغير شبهة عندهم، بل تمردا وعنادا؛ لأنهم قد يفعلون ذلك لشبهة يعتقدونها مع كونها باطلة". فتح القدير ج ٢/ ص ٤٣٥.

<<  <   >  >>