للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة السجدة]

١٧٦ - تعذيب الكفار ليس لمجرد سبق القول من الله عليهم فحسب بل للتنبيه على استحقاقهم العذاب (١).

قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)} السجدة: ١٣ - ١٤.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (والباء في {بِمَا نَسِيتُمْ} للسببية. وفيه إشعار بأن تعذيبهم ليس لمجرد سبق القول المتقدم بل بذاك وهذا) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- تعذيب الكفار ليس لمجرد سبق القول من الله عليهم بل للتنبيه على استحقاقهم العذاب.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى بعد أن ذكر أنه حق القول منه بمعاقبة الكافرين بالنار قال: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ} فجعل سبب العذاب فعلهم؛ فدل ذكر سبب تعذيب الكفار بعد أن أعلمهم أنه عز وجل قضى بتعذيبهم بدلالة الربط بين الآيتين على أن تعذيب الكفار ليس لمجرد سبق القول من الله عليهم بل للتنبيه على استحقاقهم العذاب.

قال أبو السعود: (والباء في قوله تعالى: {بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} للإيذان بأن تعذيبهم ليس لمجرد سبق الوعيد به فقط، بل هو وسبق الوعيد أيضا بسبب موجب له من قبلهم) (٤).

وقال الهرري: (والباء في قوله: {بِمَا نَسِيتُمْ} للسببية، أتى بها إشارة إلى أنه وإن سبق القول في حق التعذيب لكنه كان بسبب موجب من جانبهم أيضا؛ فإن الله قد علم منهم سوء الاختيار) (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود-كما تقدم-، والبروسوي، والقنوجي، والقاسمي، والهرري كما تقدم. (٦).


(١) وهو استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ٢٥٢.
(٣) واستنبط الرازي مناسبة اختيار لفظ النسيان دون غيره، فقال: (فكأنه ظهر وعلم، ولما تركوه بعد الظهور ذكر بلفظ النسيان إشارة إلى كونهم منكرين لأمر ظاهر، كمن ينكر أمرا كان قد علمه). التفسير الكبير ج ٢٥/ ص ١٥٧. وبمثله قال البقاعي في نظم الدرر ج ٦/ ص ٥٦.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٧/ ص ٨٤.
(٥) حدائق الروح والريحان ج ٢٢/ ص ٣٥٠.
(٦) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٧/ ص ٨٤، وروح البيان ج ٧/ ص ١١٩، وفتح البيان ج ١١/ ص ٢٣،، ومحاسن التأويل ج ٨/ ص ٤١، وحدائق الروح والريحان ج ٢٢/ ص ٣٥٠.

<<  <   >  >>