للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن إنكار الكفار أن يكون الرسول بشرا ليس إلا مجرد قول قالوه بأفواههم لا دليل عليه ولا برهان.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما ذكر عن الكفار مانعهم من الإيمان وهو إنكارهم أن يكون الرسول من جنس البشر عبر عن إنكارهم بالقول، فقال: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤)}، ولم يقل أن مانعهم اعتقادهم مع أنه هو المقصود؛ إذ هو المانع حقيقة، وليس المانع مجرد القول (١)، لكنه عدل عنه إلى لفظ قولهم؛ فدل اختيار هذا اللفظ دون غيره على أن مناسبته للمقام دالة على أن إنكارهم ليس إلا مجرد قول قالوه بأفواههم، لا دليل عليه ولا برهان بل هو تحكم فاسد، وتعنت باطل، ولا يليق به أن يصل إلى درجة المعتقد؛ لبعد هذا الإنكار عن كل عاقل.

قال أبو السعود: (وليس المراد أن هذا القول صدر عن بعضهم فمنع بعضا آخر منهم، بل المانع هو الاعتقاد الشامل للكل، المستتبع لهذا القول منهم، وإنما عبر عنه بالقول إيذانا بأنه مجرد قول يقولونه بأفواههم من غير أن يكون له مفهوم ومصداق) (٢).

وقال محمد أبو زهرة: (نفيهم لأن يكون البشر رسولا إنما هو قولهم لا حقيقة أمرهم، فهم لا يؤمنون بألا يكون البشر رسولا، ولكنهم يقولونه قولا من غير برهان ولا إيمان) (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود-كما تقدم-، والآلوسي، والقنوجي، ومحمد أبو زهرة كما تقدم. (٤).

١٣٦ - التعرض في أثناء الحمد لصفات جليلة؛ للإيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات (٥).

قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} الإسراء: ١١١.


(١) قال أبو حيان: (وليس المراد مجرد القول، بل القول الناشئ عن اعتقاد). البحر المحيط ج ٦/ ص ١٠٣.
(٢) إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٩٥.
(٣) زهرة التفاسير ج ٨/ ص ٤٤٥٩.
(٤) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ١٩٥، وروح المعاني ج ١٥/ ص ١٧١، وفتح البيان ج ٧/ ص ٤٥٥، ٤٥٦، وزهرة التفاسير ج ٨/ ص ٤٤٥٩.
(٥) وهو استنباط عقدي، وفي علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة) أيضا.

<<  <   >  >>