للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المثال الثالث]

ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٨] حيث قال -رحمه الله-: (وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالاستعاذة عند إرادتها؛ للتنبيه على أنها لسائر الأعمال الصالحة عند إرادتها أهم؛ لأنه إذا وقع الأمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كانت عند إرادة غيره أولى) (١).

المبحث الثاني:

الاستنباط بدلالة المفهوم (مفهوم المخالفة)

[تعريف مفهوم المخالفة]

بينه الشوكاني بقوله: وهو حيث يكون المسكوت عنه مخالفا للمذكور في الحكم، إثباتا ونفيا، فيثبت للمسكوت عنه نقيض حكم المنطوق. ويسمى دليل الخطاب؛ لأن دليله من جنس الخطاب، أو لأن الخطاب دال عليه (٢).

ويسمى أيضا تنبيه الخطاب (٣).

[أمثلة لاستنباط الشوكاني بدلالة مفهوم المخالفة]

[المثال الأول: (بمفهوم الشرط)]

أ - ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)} [البقرة: ٢٣٠] حيث قال -رحمه الله-: (قوله: {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} أي: حقوق الزوجية الواجبة لكل منهما على الآخر. وأما إذا لم يحصل ظن ذلك، بأن يعلما، أو أحدهما عدم الإقامة لحدود الله، أو ترددا، أو أحدهما، ولم يحصل لهما الظن؛ فلا يجوز الدخول في هذا النكاح؛ لأنه مظنة للمعصية لله، والوقوع فيما حرمه على الزوجين) (٤).

ب - ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)} [البقرة: ٢٧٩] حيث قال -رحمه الله-: (قوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ} أي: من الربا، {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} تأخذونها لا تظلِمون غرماءكم بأخذ الزيادة، ولا تُظلمون أنتم من قبلهم بالمطل والنقص … وفي هذا دليل على أن أموالهم مع عدم التوبة حلال لمن أخذها من الأئمة، ونحوهم ممن ينوب عنهم) (٥).


(١) فتح القدير ج ٣/ ص ١٩٣، ١٩٤. وانظر: الاستنباط رقم: ١٢٩.
(٢) إرشاد الفحول ص ٤٠٥. وانظر: العدة في أصول الفقه ج ١، ص ١٥٤، وج ٢، ٤٤٨ ومابعدها، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٣، ص ٧٨، وروضة الناظر ج ٢، ص ٢٢٩، ٢٣٠، ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص ٣٨٣، وأمالي الدلالات ج ١، ص ١٤٠.
(٣) ذكره ابن بيه في أمالي الدلالات ج ١، ص ١٤٠.
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٢٣٩. وانظر: الاستنباط رقم: ٢٦.
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٢٩٧. وانظر: الاستنباط رقم: ٣٣.

<<  <   >  >>