للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث السادس:

الاستنباط بدلالة المطرد من أساليب القرآن

[المقصود بدلالة المطرد من أساليب القرآن]

ما جاء على نسق واحد متتابع في القرآن الكريم بلا استثناء (١).

[أمثلة لاستنباط الشوكاني بدلالة المطرد من أساليب القرآن]

من المطرد من أساليب القرآن: كل حكاية وردت في القرآن ولم يردها فهي صحيحة، وإن ردها فهي باطلة، وقد استنبط الشوكاني بهذه القاعدة استنباطات، منها:

[المثال الأول]

ما استنبطه الشوكاني -رحمه الله- من قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)} [الكهف: ٢٢] حيث قال: (والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين، والموصوفون بالرجم بالغيب هم كل الفريقين القائلين بأنهم ثلاثة، والقائلين بأنهم خمسة. {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} كأن قول هذه الفرقة أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب) (٢).

[المثال الثاني]

ما استنبطه الشوكاني -رحمه الله- من قوله تعالى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} [المدثر: ٤٣ - ٤٤] حيث قال: (ثم ذكر سبحانه ما أجاب به أهل النار عليهم فقال: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣)} أي من المؤمنين الذين يصلون لله في الدنيا، {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} أي: لم نتصدق على المساكين. قيل: وهذان محمولان على الصلاة الواجبة والصدقة الواجبة؛ لأنه لا تعذيب على غير الواجب. وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالشرعيات) (٣).

ويلحق بالاستنباط بالمطرد من أساليب القرآن الاستنباط بدلالة الاقتداء بأفعال الله تعالى، وأقواله، وإقراره. وكذلك يلحق به الاقتداء بأفعال الأنبياء. وأيضا الاعتبار بقصص السابقين.

[أولا: الاقتداء بأفعال الله]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- بدلالة الاقتداء بأفعال الله استنباطات (٤)، منها:

أ - استنبط من قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} [البقرة: ٢٢] بدلالة الاقتداء بأفعال الله وجوب استعمال الحجج وترك التقليد؛ فقال -رحمه الله-: (وفيه دليل على وجوب استعمال الحجج وترك التقليد) (٥).


(١) استنباطات السعدي من القرآن الكريم عرضا ودراسة للدكتور سيف الحارثي ص ٧٣.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٧٨. وانظر: الاستنباط رقم: ١٣٩.
(٣) فتح القدير ج ٥/ ص ٣٣٣. وانظر: الاستنباط رقم: ٢١٣.
(٤) انظر أمثلة لذلك في الاستنباطات: ٨٩، ٩٧، ١٤٧، ١٧٩، ١٩٥.
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٥٠. وانظر: الاستنباط رقم: ٤.

<<  <   >  >>