للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الهرري: (وفي الآية دليل على شرف العلم، وارتفاع محله، وتقدم حملته وأهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم التي ينعم الله بها علي عباده، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من العباد، ومنح شرفا جليلا، وما سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي-كما تقدم-، والبيضاوي، والقرطبي، وأبو السعود، والقنوجي، والمراغي، والهرري كما تقدم. (٢).

١٦٨ - عقوبة المذنب على قدر ذنبه لا على قدر جسده (٣).

قال تعالى: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١)} النمل: ٢١.

قال الشوكاني-رحمه الله-: (وفي هذا دليل على أن العقوبة على قدر الذنب لا على قدر الجسد) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- أن عقوبة المذنب على قدر ذنبه لا على قدر جسده.

ووجه الاستنباط: أن سليمان -عليه السلام- توعد الهدهد لما تغيب بعقوبة (٦) تناسب ذنبه، ولم يلتفت لصغر جسده؛ فدل بدلالة الاقتداء بأفعال الأنبياء على أن عقوبة المذنب على قدر ذنبه لا على قدر جسده.


(١) حدائق الروح والريحان ج ٢٠/ ص ٣٩٥.
(٢) انظر: التفسير الكبير ج ٢٤/ ص ١٥٩، وأنوار التنزيل ج ٤/ ص ٢٦١، والجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ١٤٨، ١٤٩، وإرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ٢٧٦، وفتح البيان ج ١٠/ ص ٢٠، وتفسير المراغي ج ١٩/ ص ١٢٧، وحدائق الروح والريحان ج ٢٠/ ص ٣٩٥.
(٣) وهو استنباط فقهي، وفي علوم القرآن (قصص الأنبياء).
(٤) فتح القدير ج ٤/ ص ١٣٢.
(٥) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) استدل بها على أن الطير كانوا مكلفين؛ إذ لا يعاقب على ترك فعل إلا من كلف به. انظر: أحكام القرآن لابن العربي ج ٣/ ص ٣٤٩.
٢) جواز تأديب الحيوانات والبهائم بالضرب عند تقصيرها في المشي، أو إسراعها، أو نحو ذلك. انظر: الإكليل ج ٣/ ص ١٠٦٩.
٣) جواز نتف ريش الحيوان لمصلحة بناء على أن المراد بالتعذيب المذكور نتف ريشه. انظر: الإكليل ج ٣/ ص ١٠٧٠.
(٦) بأن ينتف ريشه كما ذكر ابن عباس -رضي الله عنه-، أو ريشه كله كما قال مجاهد، أو أن يحبسه مع أضداده، وقيل: أن يمنعه من خدمته. انظر: الدر المنثور ج ٦/ ص ٣٤٩، ٣٥٠، وأنوار التنزيل ج ٤/ ص ٢٦٣، وفتح القدير ج ٤/ ص ١٣٢.

<<  <   >  >>