للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الربيع بن أنس (١) -رضي الله عنه-: "كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة عليهم السلام ممن قتلوهم، بضرب على الأعناق، وعلى البنان، مثل سمة النار قد أحرق به" (٢).

ويتنبه إلى أن الشوكاني نقض هذا الاستنباط عند تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦)} [التوبة: ٢٦] حيث قال: (قوله: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} هم الملائكة. وقد اختلف في عددهم على أقوال: قيل: خمسة آلاف، وقيل: ثمانية آلاف، وقيل: ستة عشر ألفا، وقيل غير ذلك، وهذا لا يعرف إلا من طريق النبوة. واختلفوا أيضا هل قاتلت الملائكة في هذا اليوم أم لا؟ وقد تقدم أن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر، وأنهم إنما حضروا في غير يوم بدر لتقوية قلوب المؤمنين، وإدخال الرعب في قلوب المشركين) (٣).

فلعله رجع عن هذا الاستنباط. أو أنه نقله ممن سبقه ولم يدقق فيه.

٤٢ - سبقت رحمة الله غضبه (٤).

قال تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)} آل عمران: ١٢٩.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي قوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)} إشارة إلى أن رحمته سبقت غضبه، وتبشير لعباده بأنه المتصف بالمغفرة والرحمة على وجه المبالغة، وما أوقع هذا التذييل الجليل، وأحبه إلى قلوب العارفين بأسرار التنزيل) (٥).


(١) هو الربيع بن أنس بن زياد البكري، الخراساني، المروزي، تابعي، سمع أنس بن مالك، وأبا العالية الرياحي وأكثر عنه، والحسن البصري. وعنه: سليمان التيمي، والأعمش، والحسين بن واقد، وأبو جعفر الرازي، وعبد العزيز بن مسلم، وابن المبارك، وآخرون. وكان عالم مرو في زمانه، قال أبو حاتم: صدوق، سجن بمرو ثلاثين سنة، يقال: توفي سنة تسع وثلاثين ومائة، حديثه في السنن الأربعة. انظر: الطبقات الكبرى ج ٧/ ص ٣٦٩، والثقات ج ٤/ ص ٢٢٨، وسير أعلام النبلاء ج ٦/ ص ١٧٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج ٥/ ص ١٦٦٨. وأورده ابن كثير في تفسيره، وقال عنه محقق التفسير-أ. د. حكمت ياسين-: أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي. انظر: تفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ١٧٠.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٤٨.
(٤) وهو استنباط في الرقائق، وفي علوم القرآن أيضا (لتعلقه بمناسبة ختم الآية).
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٣٧٨.

<<  <   >  >>