للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• المبحث الثاني:

الاستنباط باعتبار ظهور النص المستنبط منه وخفائه

بالنظر إلى النص القرآني المستَنبط منه يمكن تقسيمه باعتبارين:

الأول: باعتبار إفراده وتركيبه (ضمه إلى نص آخر)، وهذا ينقسم إلى: الاستنباط من الآية الواحدة، والاستنباط بالربط بين آيتين أو أكثر. وسيأتي بيانه في المبحث الثالث من هذا الفصل.

الثاني: باعتبار ظهور معناه، وهذا ينقسم إلى: الاستنباط من النص الظاهر المعنى، والاستنباط من النص غير الظاهر. (١). وهو موضوع هذا المبحث.

والمقصود هنا بالظهور والخفاء هو النص القرآني المستَنبط منه، وليس المعنى المستنبط؛ لأن المعنى المستنبط يشترط فيه الخفاء دائما.

ونصوص القرآن من حيث حاجتها إلى التفسير والبيان تنقسم إلى قسمين:

١ - نصوص بيِّنة ظاهرة المعنى.

٢ - نصوص غير بينة تحتاج إلى بيان وتفسير.

قال الزركشي (٢): (ينقسم القرآن العظيم إلى: ما هو بين بنفسه بلفظ لا يحتاج إلى بيان منه

ولا من غيره، وهو كثير، … وإلى ما ليس ببين بنفسه فيحتاج إلى بيان) (٣).

[أولا: الاستنباط من نص ظاهر المعنى.]

النص الظاهر المعنى هو النص البيِّن في نفسه، الذي لا يحتاج إلى بيان.

وهذا هو الأصل؛ لأن أكثر القرآن يعود إليه؛ ولأجله صح الأمر بالتدبر كما قال تعالى: … {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩]. ولو كان القرآن أكثره غير بيَّن لما جاز معه أن يُتوجه الخطاب في هذه الآية إلى جميع المكلفين؛ إذ لا يؤمر الجميع بتدبر ما يتوقف معرفة معناه على علم الخاصة (٤).


(١) منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ٩٥.
(٢) الإمام بدر الدين، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن بَهادُر - وقيل: محمد بن بَهادُر بن عبد الله - الشافعي، الزركشي، كان فقيهاً أصولياً مفسراً أديباً، له تصانيف كثيرة في عدة فنون منها: "البرهان في علوم القرآن"، و"تفسير القرآن العظيم" وصل فيه إلى سورة مريم، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة للهجرة. انظر: طبقات المفسرين للداودي ج ٢/ ص ١٥٨، وشذرات الذهب ج ٦/ ص ٣٣٥.
(٣) البرهان في علوم القرآن ج ٢/ ص ٣٢١، ٣٢٢.
(٤) انظر: المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص ٢٦٥.

<<  <   >  >>